يُهدد شبح الحرب العالمية الثالثة العالم بعد هجوم روسيا على أوكرانيا، وتصدَّرت صور النساء والعجائز العُزَّل منصات التواصل الاجتماعي فيما يودعن أحبائهن أو يحاولن الهرب من جحيم الحرب والموت، ولمَّا كانت الحرب ذروة الصراع الإنساني على البقاء، استلهمت السينما الكثير من حكاياتها من النزاعات والمعارك وقوائم الضحايا وفجيعة ذويهم، بل إن البعض سعى لاستغلال صناعة الأفلام سياسيًّا وسرد التاريخ بطريقته.

لذا ومع صراع روسيا وتاريخها الطويل مع الحروب، قُمنا بتجميع قائمة تضم 12 فيلمًا تعكس وجوهًا مختلفة، قد تكون متناقضة لصراع روسيا السياسي على مر التاريخ، ويمكنكم من خلالها قراءة الحكاية.

1- «Come and See»: حرب أفضت إلى جنون

يعد فيلم «Come and See» أحد أهم الأفلام الدراما الحربية في تاريخ السينما الروسية؛ خاصةً إذا عرفنا أن صُنَّاعه خاضوا – هم أنفسهم – حربًا ضد الرقابة طوال ثماني سنوات كي تسمح لهم بإنتاج الفيلم بالكامل، وقد جمع العمل بين الواقعية المفرطة التي تعكس وجه الحرب القبيح مع مزيج من الفلسفة والسيريالية والشعر والسياسة.

يتمحور العمل حول مراهق يعيش في إقليم بيلاروسيا وتحديدًا عام 1943، يعثر بالصدفة على بندقية؛ فيقرر الانضمام إلى حركة المقاومة البيلاروسية ضد الاحتلال الألماني، وهو ما يفعله ضد رغبة والدته، الأمر الذي يكفله مع الوقت سلامه النفسي وسلامة عقله بأكمله، من جراء ما يشهده من أهوال الحرب والفظائع النازية البشعة التي أسفرت عن معاناة شاقة دفع ثمنها أبرياء.

2- «Battle for Sevastopol»: وجه الحرب الأنثوي

للنساء حظوظهن أيضًا من أثقال الحروب وأوجاعها، بعضهن ينتظر عودة الرجال والأبناء بأيادٍ مرتجفة على القلب، فيما جاء نصيب أخريات منهن الاشتراك في الحرب نفسها، مثلما جرى مع ليودميلا بافليشنكو بطلة فيلم «Battle for Sevastopol» التي عوضًا عن عَيش حياة طبيعية، طالبها الجيش الأحمر بالانضمام إليه بسبب موهبتها المميزة في إطلاق النار.

هكذا، بين ليلة وضحاها تغدو ليودميلا أخطر قنَّاصة محترفة في الحرب العالمية الثانية بين عامي 1941 و1942 أثناء حصار أوديسا وسيفاستوبول، لكن وبرغم كل ما تحلَّت به من شجاعة ومهارة، وقدرتها على النجاة من الموت مرات عديدة، لم يحمها ذلك من المعاناة بسبب الحرب والفقد؛ إذ كُتب عليها مشاهدة الزملاء ومَن أحبتهم من الرجال يقضون نحبهم بأبشع الطُرق واحدًا تلو الآخر.

3- «Ivan’s Childhood»: إنهم يقتلون براءة الأطفال

براءة الطفولة إحدى السمات التي يفقدها الصغار الذين يعايشون الحروب، تمامًا كما جرى لإيفان الصبي ذي الاثني عشر عامًا بطل فيلم «Ivan’s Childhood»، فبعد أن فقد والديه خلال الحرب العالمية الثانية على يد القوات الألمانية، وتحوَّل عالمه إلى أشباح وأنقاض متهالكة واختفت كل مظاهر الجمال؛ يُصر الصبي على الانضمام إما إلى الثوار أو الجيش السوفيتي. 

 من جهة، رغبةً منه بالانتقام لأسرته، ومن أخرى بسبب قدرته على أداء المهام الاستطلاعية بنجاح خاصةً مع صغر حجمه، وأمام هذا الإصرار تفشل كل المحاولات في منعه أو إبعاده عن هذا الطريق الوعر الذي قد يكلفه حياته.

4- «Ballad of a Soldier»: ما تفعله بنا الحرب

من بين وجوه الحرب المؤلمة، ما تفعله بحياة البشر الذين يظنون أنهم نجوا منها كونهم ما زالوا على قيد الحياة، ولكن بالنظر إليهم من بعيد سنجدهم دفعوا ثمنًا ليس بالثمن البخس بشكلٍ أو بآخر؛ فيلم «Ballad of a Soldier» – الذي رُشِّح لجائزة «الأوسكار» لأفضل سيناريو أصلي – يتناول ذلك بطريقة درامية رومانسية، فهو ليس فيلمًا عن الحرب وإنما عن أثرها. 

يحكي العمل الذي تدور أحداثه خلال الحرب العالمية الثانية عن اضطرابات الحرب، فالبطل جندي من الجيش الأحمر يبلغ من العمر 19 عامًا، دمَّر بمفرده دبابتين ألمانيتين، وحين يريد رؤساؤه مكافأته يطلب زيارة والدته، وإصلاح السقف الذي تتسرب منه الماء بدلًا من جائزة مادية أو نيشان؛ فيُمنح ستة أيام إجازة، هي مدة الرحلة التي يأخذنا عبرها البطل بينما يحاول الوصول إلى منزله، حيث يلتقي بآخرين تتقاطع حياتهم الشخصية مع الحرب عبر دراما إنسانية يُخَيِّم عليها شبح الموت ولوعة الفقد.

5- «At War as at War»: أيهما أصعب محاربة العدو أم رؤساء العمل؟

أيهما أصعب محاربة العدو أم رؤساء العمل؟ هذه هي العقبة التي يقع أمامها الملازم الروسي الشاب بطل فيلم «At War as at War» الذي تخرَّج لتوه من الكلية العسكرية، حين يجد نفسه مُتجهًا إلى الضفة اليمنى في أوكرانيا للدفاع عنها ضد القوات الألمانية. وفي حين أنه ليس لديه غضاضة أو مشكلة في الموقف العسكري وقيادة المدرعات أو التفكير بسرعة وحنكة كما تقتضي الحرب، تصبح الصعوبة التي تواجهه هي قيادته لمرؤوسيه الذين يكبرونه عمرًا ويرونه أقل خبرة وكفاءة من أن تكون له الكلمة العليا على الجبهة وعليهم.

6- «War is Over, Please Forget»: ما تفعله الحرب بالأمهات

دارت الحرب الشيشانية الأولى بين 1994 و1996 وقد اندلعت بسبب تمرُّد جمهورية الشيشان ضد الاتحاد الروسي، هذه هي المرحلة التي تدور فيها أحداث فيلم «War is Over, Please Forget» الذي جمع بين الدراما والجانب التوثيقي، فبالتوازي مع قصة العمل التخيلية نشهد العديد من السجلات الأرشيفية والقوائم التي تضم أسماء الجنود الروس الذين راحوا ضحية تلك الحرب.

أما قصة العمل الدرامية فتحكي عن امرأة روسية يتركها ابنها من أجل اللحاق برَكب الحرب، وكما يليق بأم يعتصر قلبها ألمًا على فراق صغيرها، خاصةً حين تنقطع عنها أخباره؛ وبين التضرُّع إلى الله ومحاولة دفع الرشاوي لمن يملكون بعض السلطة، تأمل أن يعود إليها ابنها حيًّا وألا تبتلعه ويلات الحرب. 

7- «Twenty Days Without War»: هل يمكن التكيُّف مع الحياة في ظل الحرب؟

«Twenty Days Without War» دراما حرب تدور أحداثها في نهاية عام 1942 بينما تقوم الحرب العالمية على قدم وساق؛ نشاهد البطل الذي يعمل صحافيًّا في الخطوط الأمامية للحرب وبعد أن عانى من الأهوال، يُمنح إجازة لمدة 20 يومًا؛ فيحاول العودة إلى أجواء حياته العادية، لكنه يجد كل شيء وقد صار بائسًا وغريبًا.

بين التقارير الكئيبة، والجنازات المستمرة، والمسرح الذي يعمل بانتظام كما لو أن كل شيء طبيعي، واستعداد البعض للاحتفال بالعام الجديد، هل ينجح البطل بالتكيُّف؟ أم أن ما يجري أكبر من قدرته على الاستيعاب؟

8- «Fate of a Man»: من رحم الإنسانية تولد الحياة

دون شك يظل فيلم «Fate of a Man» أحد أفضل أفلام الدراما الحربية الإنسانية وإن لم تدر أحداثه على الجبهة، فالبطل سائق روسي بسيط يتعين عليه الانفصال عن عائلته مع بداية الحرب الوطنية العظمى، قبل أن يُلقي الألمان القبض عليه، وفي المعتقل يلقى أنواع التعذيب كافة.

لكنه ينجو من الإعدام، بل ينجح في الهرب بأعجوبة، وحين يعود إلى بلدته يكتشف أنه فقد زوجته وأولاده الثلاثة من جراء الحرب والقصف؛ فصار دون عائلة أو سبب للاستمرار على هذه الأرض، ما لم يتوقعه أن يتقاطع طريقه مع طفل صغير فقد هو الآخر عائلته، فيُقرر البطل تبنيه وإخباره بأنه والده، عسى أن يمنح كل منهما الآخر سببًا وجيهًا للحياة والسعادة.

9- «Russian Ark»: تحفة فنية لم تتكرر

«Russian Ark» فيلم من نوع خاص أقرب إلى تحفة فنية، فالعمل والذي صُوِّر بوصفه مشهدًا واحدًا طويلًا، يستعرض سنوات طويلة من التاريخ الروسي في حضرة رحَّالة فرنسي من القرن التاسع عشر، والذي يأخذنا داخل المتحف الروسي لنتعرَّف إلى تاريخ ما قبل الثورة بعيون الروسيين أنفسهم ونشهد ما جرى طوال ثلاثة قرون كاملة.

10- «Russian Revolution Through Its Films»: التاريخ بعيون الفنانين

أما عشاق الأفلام الوثائقية، أو هؤلاء من يخشون تزييف التاريخ على يد كاتبيه، فهناك مجموعة لا بأس بها من الأعمال الوثائقية لمعرفة الحقيقة، من بينها: «Russian Revolution Through Its Films» وهو فيلم تليفزيوني صدر عام 2017 يُسلِّط الضوء على العقدين اللذين تليا الثورة الروسية وتحديدًا بين 1917 و1934.

من خلال التركيز على الأعمال الروائية السوفيتية التي صدرت في تلك الفترة وعبَّرت بدورها عن ثورة فنية قادها شعراء وروائيون وفنانون؛ إذ كانت تلك هي طريقتهم للسعي نحو الحرية وبناء مجتمع جديد أشبه باليوتوبيا، ما لم يحسبوا حسابه أن قوة استبدادية ومتتاليات من الحروب سرعان ما ستهدم كل ما حلموا به، وتترك أثرها في مجتمعهم للأبد.

11- «The Battle of Russia»: الحقيقة غير الكاملة تجميل أم تزييف؟

الحرب العالمية لها ما يوثقها أيضًا، نرشح لكم منها فيلم «The Battle of Russia» الذي كشف عن طبيعة ونوعية القتال بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا في الحرب العالمية الثانية، جدير بالذكر أن هذا العمل هو الفيلم الخامس لسلسلة وثائقية لفرانك كابرا بعنوان «Why We Fight» وهو أطول فيلم بالسلسلة حتى إنه يتكون من جزأين، والثاني بها الذي يُرشَّح لجائزة «الأوسكار» لأفضل فيلم وثائقي.

يبدأ الفيلم بسرد بعض المحاولات الفاشلة السابقة لغزو روسيا، مثل ما حاول فعله فرسان التوتونيون عام 1242 أو تشارلز الثاني عشر ملك السويد عام 1704، ونابليون الأول عام 1812، بالإضافة إلى الإمبراطورية الألمانية في الحرب العالمية الأولى، ومن ثمَّ توضيح الأسباب الاقتصادية والسياسية وراء ذلك وما يجعل الاتحاد السوفيتي مُغريًا للكثيرين، وصولًا للحرب العالمية الثانية.

وقد أُخِذ على صُنَّاع العمل تجاهلهم سلبيات الاتحاد السوفيتي ومحاولاته هو أيضًا لاحتلال بعض البلدان، أو ارتكابه فظائع في دول أخرى، الأمر الذي جعل البعض يصفونه بالدعاية المؤيدة للسوفيت ما دام يعكس وجهًا واحدًا من الحرب. 

12- «Moscow Strikes Back»: وثائق من على الجبهة مباشرة

في فيلم «Moscow Strikes Back» الحائز «أوسكار» أفضل فيلم وثائقي لعام 1943، نرى كيف استطاع عدد من المصورين التقاط تلك اللحظات شديدة الواقعية بين أكتوبر (تشرين الأول) 1941 ويناير (كانون الثاني) 1942 من أجل توثيق كيف اندلعت الحرب بين الشعب الروسي والغزاة من الألمان، موضحين كيف حارب الجيش الروسي ببسالة دفاعًا عن أرضه وتاريخه الديني والثقافي، بينما ظل الألمان يرتكبون فظائع صوَّرها الفيلم بالتفصيل، جاء من بينها تدمير المتاحف وإلقاء جثث المدنيين الروس القتلى في الطرقات.

من ضمن ما وثَّقه العمل أيضًا كيف أعَدَّ المدنيون في موسكو الدفاعات في الشوارع، ومساهمات النساء بإعداد القنابل اليدوية، وتجهيز الدبابات والقاذفات والمدافع الروسية المضادة للطائرات استعدادًا للحرب.

 

المصادر

تحميل المزيد