أيام قليلة تفصلنا عن حفل إعلان جوائز أوسكار 2022، الذي لا ينتظره المُرشَّحون للجوائز فحسب، وإنما محبو السينما كذلك، وبالرغم من استمرار تفشِّي فيروس كورونا وما فرضه من قيود وإجراءات احترازية عديدة أثرت في صناعة الأفلام؛ فإن العام الماضي ضمَّ كَمًّا هائلًا من الأعمال الجيدة الجديرة بالمتابعة.
فإذا كنت لم تر الأفلام المُرشَّحة بعد وترغب في تدارك ذلك قبل إعلان الجوائز؛ إليك هذه القائمة التي تضم ثمانية من أهم الأفلام التي ننصحك بمشاهدتها ونضمن لك استمتاعك بها فنيًّا.
أوسكار 2022 وسِحر الموسيقى الذي لا ينضب
إذا كنت من عشاق الأفلام الموسيقية فالحظ حليفك هذا العام؛ إذ يمكنك الاستمتاع بمشاهدة فيلم «tick, tick…BOOM!» الذي يستعرض السيرة الذاتية لكاتب المسرحيات الغنائية الراحل جوناثان لارسون، الذي كان يخشى طوال الوقت ألا يحقق ما ينشده من مجد وأن ينقضي عمره دون أن يعرفه أحد، والغريب أنه مات بالفعل في سن مبكرة ولم يحظ بالشهرة إلا بعد وفاته.
ولمحبي الكلاسيكيات، يعود ستيفن سبيلبيرج هذا العام بمعالجة معاصرة لأحد أشهر الأعمال الموسيقية بتاريخ السينما العالمية، وفيلم «West Side Story» الذي تدور أحداثه بمنتصف القرن الماضي، وإن كان سبيلبيرج أجرى تعديلات كبيرة على العمل ليتماشى أكثر مع القرن الحادي والعشرين، فيما استغل التقنيات الصوتية والبصرية الحديثة وصبغ الرقصات بحيوية وحياة أكبر، حتى إن البعض صنَّف العمل بصفته أفضل من النسخة الأصلية ليتوَّج في النهاية بالترشُّح لسبع جوائز أوسكار 2022.
ومنافسة شرسة على جائزة أفضل ممثل
المنافسة الشرسة أكثر ما يُميز «أوسكار» 2022 خاصة في فئة أفضل فيلم وأفضل ممثل، من أهم الأفلام التي تتربَّع على عرش الجوائز المتوقَّعة: فيلم «Power Of The Dog» الذي حاز جائزة أفضل فيلم في جوائز «جولدن جلوب»، فيما حصدت مخرجته جائزة «الأسد الفضي» في «مهرجان فينيسيا السينمائي».
تدور قصة العمل في الغرب الأمريكي أو في ما يُعرف بأفلام «الويسترن»، وتحكي عن أرملة تلتقي بابن عائلة ثرية، سرعان ما يُعجب بها ويقرر الزواج منها وجلبها معه إلى القصر – حيث يمكث- يُصاحبها ابنها المراهق. وهناك يعيش أيضًا شقيق الزوج المختلف عنه بالطباع، فهو جاف المعاملة ويعتنق العديد من الأفكار الذكورية القاسية؛ مما يُحدث صدامًا صامتًا ومؤذيًا نفسيًّا وعاطفيًّا بينه وبين الوافدَين الجددين إلى المنزل.
غير أن كلًّا من الأم والابن يتعاملان مع الأمر بطريقة مختلفة، ففي حين تنهار البطلة وتحاول الهرب عبر الكحوليات وفقد الوعي معظم الوقت تحاشيًا للمواجهة، يجد الابن وسيلة أخرى لا تخطر على بال أحد.
العمل التالي الذي يحتل مركزًا متقدمًا بالمنافسة بإجمالي ست ترشيحات لجوائز أوسكار 2022، هو فيلم السيرة الذاتية والدراما الرياضية «King Richard». ورغم الأداء القوي لبطل العمل، ويل سميث، الذي ضمن له الحصول على مقعد مُستحق ضمن فئة أفضل ممثل، فإن احتمالية فوزه بعيدة المنال، للأسف، بسبب شدة التنافس هذا العام.
أما عن قصة الفيلم فتدور حول ريتشارد ويليامز – مُدرِّب التنس- وكيف سعى لمساعدة ابنتيه فينوس وسيرينا ويليامز على تخطي كل الحواجز النفسية والمادية والجسدية؛ ومن ثمَّ تأهيلهما كي يكونا بطلتين عالميتين لا يقوى أحد على هزيمتهما في مجال رياضة التنس.
أفلام في حب الدراما العائلية الاستثنائية
إذا كنت من محبي البطولات النسائية أو الدراما النفسية العائلية، فلا يجب عليك أن تفوِّت فيلم «The Lost Daughter» المُقتبس عن رواية «الابنة الغامضة» لإيلينا فيرانتي، وهو يحكي عن أم عزباء كبرت ابنتاها وصار لديهما حياتهما الخاصة؛ فيصبح لديها أخيرًا متسع من الوقت للاسترخاء والاستمتاع على طريقتها، قبل أن تجد نفسها مُجبرةً على مواجهة مشاعرها تجاه تجربتها مع الأمومة والعادات المجتمعية التي طالما أثَّرت في حياتها.
أما الترشيح الآخر الذي نقدمه لك، فهو فيلم الدراما العائلية الكندية الذي يجمع بين الموسيقى والاستعراض والكثير من العواطف الجياشة: «Coda»، ويُذكر أن الكلمة هي اختصار (Child Of Deaf Adults) أي الطفل لاثنين من البالغين من الصُم؛ إذ يستعرض العمل معاناة عائلة تضم أبًا وأمًّا وابنًا من الصُم والبُكم وابنة واحدة مراهقة تملك القدرة على السمع والكلام؛ مما يجعلها نافذتهم الوحيدة المفتوحة على العالم.
وأمام ما تملكه الابنة من أحلام وطموحات تُحتِّم عليها السفر والابتعاد، ومسئولياتها الجسيمة تجاه أسرتها؛ يأخذنا العمل في رحلة إنسانية استثنائية، ممتعة وملهمة في آن واحد، خاصةً إذا عرفت أن كلًّا من مارلي ماتلن وتروي كوتستور ودانيال دورانت الذين لعبوا دور عائلة البطلة هم بالفعل من الصُم والبُكم، وهو ما لم يمنعهم عن اتباع أحلامهم والعمل بمجال التمثيل والإبداع.
أوسكار 2022: هل تتكرر معجزة فيلم«Parasite» ويُعاد صنع التاريخ؟
بتقييم جماهيري بلغ 7.9 نقاط حسب ما جاء بموقع «IMDb» الفني وأربعة ترشيحات لأوسكار 2022، يأتي الفيلم الياباني «Drive My Car» المُقتبس عن قصة قصيرة للكاتب هاروكي موراكامي؛ مما يجعله أول فيلم ياباني يُرشَّح لجائزة «الأوسكار» الكبرى، الأمر الذي يُعيد إلى أذهاننا بدوره الفيلم الكوري «Parasite» الذي غيَّر تاريخ «الأوسكار» إثر فوزه بجائزة أفضل فيلم لعام 2020.
اختِير «Drive My Car» ضمن أفضل أفلام 2021 من قِبل غالبية النقاد؛ وهو ما يفسر فوزه بجائزة «جولدن جلوب» كأفضل فيلم بلغة غير إنجليزية، وجائزة أفضل سيناريو في «مهرجان كان السينمائي».
تتمحور حبكة العمل حول الحب والفقد وشبح الخسارة الدائم والأهم الهروب من الماضي، فالبطل ممثل ومخرج مسرحي يعيش حياة سعيدة مع زوجته الكاتبة التليفزيونية إلى أن يكتشف خيانتها، وبدلًا من مواجهتها ينزوي على نفسه، ثم تموت فجأة؛ الأمر الذي يُثير حزنه وغضبه لدرجة تجعله غير قادر على تخطِّي المأساة.
ثم بعد عامين يتقاطع طريقه بالصدفة مع امرأة أخرى تقود سيارته خلال رحلة برية، يُصادَف أنها تشترك معه بامتلاك قناعًا تُخفي به أوجاعها، ومع الوقت وطول الرحلة تتخلخل دفاعاتهما النفسية وتوشك الحواجز على الانهيار فهل يجرؤان على مواجهة مخاوفهما؟
وبذكر الهروب من الماضي، لا يجب أن يفوتك فيلم «Flee» وهو فيلم رسوم متحركة – وثائقي-دنماركي يدور حول رجل طالما أخفى سره الأكبر خوفًا من أن يكشفه فتتدمر الحياة التي ظل طوال عمره يبنيها لنفسه.
فالبطل بسن السادسة والثلاثين، وهو زوج جيد وأكاديمي ناجح، جاء إلى الدنمارك من أفغانستان قبل سنوات عديدة، وعمل جاهدًا ليصبح ما هو عليه الآن، غير أن سرًّا دفينًا يأكله حيًّا من الداخل، وفي هذا العمل نشهده فيما يشارك قصته بتفاصيلها الدقيقة المخفية مع صديقه المقرَّب. جدير بالذكر أن العمل ترشَّح لثلاث جوائز أوسكار 2022، هي: أفضل فيلم رسوم متحركة، وأفضل فيلم وثائقي، وأفضل فيلم بلغة غير إنجليزية.