تعاني بعض النساء من ألم عند ملامسة الأعضاء التناسلية السطحية، وبالنسبة لـ16% منهن تعد ممارسة الجنس طلبًا مستحيلًا.
وعلى عكس الشكوى الجنسية الرئيسية لدى الرجال، ضعف الانتصاب، فإن أكبر مشكلة جنسية لدى النساء ناتجة من مجموعة من العوامل العقلية والجسدية، والتي لا يُحتمل علاجها بمجرد تناول الحبة الوردية.
ترتبط الممارسة الجنسية المؤلمة بمشكلات عديدة، بما في ذلك جفاف المهبل، والشعور بالقلق أثناء ممارسة الجنس، وعدم التمتع بالجنس، ويمكن أن يكون هناك الكثير من العوامل الجسدية والنفسية والعاطفية المختلفة التي تسبب ألمًا في الجنس.
ربما تؤدي تلك الحالات الشائعة إلى انهيار العلاقة؛ فيصبح معها مجرد التقبيل والمداعبة إنذارًا بخطر يقترب، يصاحبه شعور عارم بالقلق والخوف من إفساد متعة الشريك.
1. التشنج المهبلي
يمكن أن يؤدي التشنج المهبلي (Vaginismus) إلى الإحساس بانسداد المهبل، وآلام مثل الكشط بشفرة حلاقة أو الوخز بالإبر عند ممارسة الجنس أو إدخال السدادة القطنية، نتيجة الإصابة بحالة نفسية جسدية تنطوي على تقلص لا إرادي لعضلات قاع الحوض المسؤولة عن التحكم في البول ودفع الجنين خارج رحم الأم عند الولادة.
قد تعاني المرأة من التشنج المهبلي من قبل أول تجربة جنسية لها، بدون سبب، وفي الحالة الثانية تُصاب به بعدما تتعرض لصدمة أو ألم، وقد يكون نتيجة للولادة أو الإصابة السابقة بمرض القلاع المهبلي، الذي يصيب 75% من النساء، ومن ضمن أسبابه ممارسة الجنس السريع قبل أن ينتج المهبل الإفرازات اللازمة لترطيبه من الداخل؛ فيدخل الجسم في حالة توقع لألم مستقبلي نتيجة لممارسة الجنس.
قد يصييب التشنج المهبلي المرأة دائمًا، أو في ظروف معينة، مثلًا مع شريك واحد ولكن ليس مع الآخرين، أو مع الممارسة الجنسية فقط، أو أثناء الفحوصات الطبية.
ويُساء فهم التشنج المهبلي رغم شيوعه، ويحاول الأطباء حله بنصح المريضة بالاسترخاء، أو إجراء عملية جراحية لتوسعة مدخل المهبل، أو الحقن بالبوتوكس، دون التعامل مع الأسباب النفسية لمرض ناتج من الارتباط بين العقل والجسم.
2. التهاب دهليز الفرج
يعد التهاب دهليز الفرج (Vulvodynia) حالة غير مفهومة قليلًا لدى الأطباء، وتعرفه الكلية الأمريكية لأمراض النساء والتوليد بأنه ألم في الفرج (منطقة الأعضاء التناسلية الأنثوية بما في ذلك الجلد المحيط بفتحة المهبل) يستمر لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر، ولا ينتج من عدوى أو اضطراب جلدي أو مشكلة طبية أخرى، ويصيب المرأة فجأة أو يشتد ببطء مع مرور الوقت.
يمكن الإصابة بالتهاب الفرج المعمم في مناطق مختلفة من الفرج والمهبل في أوقات مختلفة، أو يصبح مزمنًا، كما يُوصف التهاب الفرج الموضعي بأنه ألم موجود في منطقة معينة من الفرج.
يصاحب الحالتين إحساس بالحرقان، ويُستثار عند التبول، وعن طريق اللمس أو الضغط، مثل ممارسة الجنس، أو إدخال سدادة قطنية، أو الجلوس لفترات طويلة، وقد يزيد التهيج والألم حتى يصير ارتداء الفوط الصحية أو الملابس الداخلية والسراويل أمرًا مستحيلًا.
تعاني أكثر من واحدة من كل سبع نساء من التهاب الفرج في مرحلة ما من حياتها، وفقًا لجمعية فولفودينيا الوطنية، بلا سبب محدد، أو علاج واحد يناسب الجميع.
ربطه البعض بتناول المضادات الحيوية والتحسس من المنظفات المهبلية، واضطرابات الهرمونات، خاصة خلال فترة الحمل وتركيب اللولب، وطرحت نظرية حديثة احتمالية أنه قد لا ينبع من الجزء المتضرر من الجسم، لكن من الدماغ كما هو الحال مع اضطرابات الألم المزمنة.
3. انتباذ بطانة الرحم
يكون انتباذ بطانة الرحم (endometriosis)، أو بطانة الرحم المهاجرة، نموًّا غير طبيعي لنسيج بطانة الرحم مشابه للنمو الذي يبطن داخل الرحم، ولكن في مكان خارج الرحم.
يتخلص الجسم في حالته الطبيعية من أنسجة بطانة الرحم كل شهر أثناء الحيض، لكنها في تلك الحالة تنتشر – غالبًا – على المبيضين وبقية أعضاء الحوض، وربما تصل إلى المهبل وعنق الرحم والمثانة، واكتشفت في حالات نادرة بالدماغ والرئة.
لم يتم تحديد السبب الدقيق لانتباذ بطانة الرحم، وقد لا تظهر أية أعراض على معظم النساء المصابات به، ويمكن التأكد منه بإجراء عملية المنظار البطني.
مع ذلك، قد تشمل الأعراض آلام الحوض، التي قد تزداد سوءًا أثناء الحيض والتبول وإيلاج العضو الذكري، الذي تشبهه المريضات بسكين يقسم أجسادهن لنصفين، كما ترتفع احتمالية الإصابة بالعقم حتى 40%، وتنجح الأدوية والجراحة في تسكين الآلام وعلاج العقم إذا كان الحمل مطلوبًا.
4. تكيسات المبيض
تتكون معظم تكيسات المبيض (ovarian cysts) خلال الدورة الشهرية، في هيئة هياكل شبيهة بالأكياس داخل المبيض مملوءة بمادة سائلة أو شبه صلبة، تختفي في غضون بضعة أشهر، دون الحاجة إلى أي علاج.
لكن هذه التكيسات تنتج أحيانًا بسبب حالة كامنة من الانتباذ البطاني الرحمي، وقد ينتج منها سرطان خبيث بالمبيض؛ خاصة إذا تخطت المريضة سن اليأس.
يسهل الكشف عن تكيس المبيض من خلال الفحص بالموجات فوق الصوتية عبر المهبل، وتكرار الفحص حتى التأكد من اختفائه بعد بضعة أشهر.
أشارت هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى أنه عادةً ما يتسبب كيس المبيض في ظهور الأعراض فقط في حالة تمزقه، أو تضخمه إلى الحد الذي يعوق تدفق الدم إلى المبايض.
ربما ينتج من تلك الحالات: ألم في منطقة الحوض يتراوح بين إحساس خفيف إلى ألم مفاجئ وحاد، آلام حادة أثناء ممارسة الجنس، صعوبة في عملية الإخراج رغم الحاجة المتكررة للتبول، غزارة دم الحيض، دورة شهرية غير منتظمة، الشعور بالشبع الشديد بعد تناول القليل من الطعام، صعوبة في الحمل.
5. الأورام الليفية الرحمية
تصيب الأورام الليفية الرحمية (uterine fibroids) النساء في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر، وغالبًا ما تكون حميدة.
تكون الأورام الليفية على شكل كتل صلبة صنعتها أنسجة ليفية متشابكة بطيئة النمو، ويختلف حجمها اختلافًا كبيرًا بين النساء، فبعضها صغير جدًّا لدرجة استحالة رؤيته بدون مجهر، وتعاني بعض النساء من ورم ليفي كبير بحجم حبة البرتقال أو أكبر.
لا أحد يعرف سبب تطور الأورام الليفية، لكن بعض الحقائق تبدو واضحة؛ فلا تنمو الأورام الليفية قبل أن يبدأ الجسم في إنتاج هرمون الإستروجين أثناء بداية الدورة الشهرية.
تستمر الأنسجة الليفية في النمو أثناء وجود الإستروجين، ويزيد معدل النمو أثناء الحمل عندما ينتج الجسم المزيد من الإستروجين، وغالبًا ما تتقلص الأورام وتختفي بعد انقطاع الطمث عندما يتوقف الجسم عن إنتاج هرمون الإستروجين.
على الرغم من أن معظم الأورام الليفية لا تسبب أي أعراض، فإن ما يقدر بـ25% من النساء اللواتي يعانين من أعراض قد يواجهن نزيفًا غير طبيعي، أو ألمًا شديدًا عند ممارسة الجنس، وألمًا أثناء الحيض، وانتفاخ البطن، وكثرة التبول أو عدم القدرة على التحكم في المثانة، وفي الحالات الشديدة قد تجد المرأة أنها غير قادرة على التبول على الإطلاق.
6. الأمراض المنقولة جنسيًّا
تجهل النساء احتمالية إصابتهن بأحد الأمراض المنقولة جنسيًّا لسنوات، ويعد الألم أثناء الممارسة الجنسية أكثر أعراضها شيوعًا لديهن، خاصة إذا صاحب الألم بداية علاقة جنسية جديدة، أو تغير في العادات الجنسية لدى الزوج.
يمكن أيضًا أن تسبب العدوى المرتبطة بالجنس، مثل الخميرة المهبلية، والتهاب المهبل الجرثومي، إفرازات غير طبيعية، وبعض الإفرازات المهبلية طبيعية طوال الدورة الشهرية.
مع ذلك، لا ينبغي أن تكون الإفرازات ملونة بشكل غريب أو رائحتها كريهة، فالإفرازات التي تحدث بسبب داء المشعرات غالبًا ما تكون خضراء ورغوية ورائحتها منفرة، وقد تكون إفرازات المصابة بالسيلان صفراء ومختلطة بالدم.
يمكن أن تكون الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي الشائعة، مثل الكلاميديا والسيلان والزهري، سببًا في التهيج المهبلي، وتقرحات وتورم موضعي، ونتوءات بالأعضاء التناسلية وحول الفم، تكون مؤلمة بطبيعتها، أو أن تسبب الألم مع إيلاج العضو الذكري، أو تتطور الحالة إلى الإصابة بالتهاب الحوض (PID) الذي يحدث عندما تنتقل البكتيريا من المهبل إلى الأعضاء الجنسية الداخلية، ويسبب ألمًا عنيفًا عند الإيلاج.
7. اضطراب الجلد الحزاز المتصلب
لا تنبئ التغيرات الجلدية كالحكة والبقع غريبة المظهر في منطقة الأعضاء التناسلية دائمًا عن وجود عدوى؛ فهناك الكثير من الأمراض الجلدية التي تسبب مثل هذه الأعراض.
يُسمى أحد هذه الأمراض بالحزاز المتصلب ( lichen sclerosis)، وغالبًا ما يصيب النساء، ويعتقد الأطباء أنه نتيجة لفرط نشاط الجهاز المناعي أو خلل بالهرمونات، أو معاملة تلك المنطقة بعنف.
تبدأ الحالات الخفيفة عادة على شكل بقع بيضاء لامعة على جلد الفرج عند النساء، وإذا تفاقم المرض، فإن الحكة هي أكثر الأعراض شيوعًا، وفي حالات نادرة يمكن أن تكون شديدة بما يكفي للمعاناة من صعوبات في النوم والأنشطة اليومية.
يمكن أن يتسبب الفرك أو الخدش – لتخفيف الحكة – في حدوث نزيف أو تمزق أو تقرحات مؤلمة أو بثور أو كدمات، حتى تستحيل ممارسة الجنس، أو ارتداء الملابس الضيقة، أو السدادات القطنية، أو ركوب الدراجة، أو أي نشاط آخر قد يسبب الضغط أو الاحتكاك في المناطق المصابة.
في الحالات الشديدة لدى النساء، يمكن أن يؤدي تصلب الحزاز إلى تقلص الشفتين الداخلية من الفرج واختفائهما، وضيق فتحة المهبل.
8. اضطرابات الرغبة الجنسية
لا يكون تشخيص اضطرابات الرغبة الجنسية سهلًا عادة، بسبب طبيعتها الخاصة والمربكة.
تسبب تلك الاضطرابات، الدائمة منها أو الموسمية، حالة من النفور الشديد من كل أو بعض أنواع الاتصال الجنسي بين الأعضاء التناسلية مع الشريك، وهي حالة منتشرة؛ فوفق المسح الوطني الأمريكي للصحة والحياة الاجتماعية، افتقر 32% من النساء و15% من الرجال إلى الاهتمام الجنسي لعدة أشهر خلال العام الماضي.
تتشكل الرغبة الجنسية نتيجة تفاعل معقد لجوانب متعددة، بما فيها الجوانب التشريحية، والفسيولوجية، والنفسية، والتربوية، والثقافية، والعلاقات الاجتماعية والعاطفية.
تساهم كل هذه العوامل في النشاط الجنسي للفرد بدرجات متفاوتة في أي وقت، بالإضافة إلى التطور والتغيير طوال حياته، لترسم صورة عامة لحياته الجنسية التي تتكون بالتتابع عند البالغين من: الهوية الجنسية، الهدف، رغبة، إثارة، النشوة الجنسية، ثم الشعور بالرضا العاطفي، الذي يسهم تفاعل المكونات الستة الأولى في الوصول إليه.
ربما لا تتوفر المكونات الستة الأولى، ولا تجري استثارة المرأة بالدرجة الكافية لإنتاج الإفرازات المرطبة للمهبل وانتفاخ البظر وتغير لون الشفرتين، في استعداد من الجسم لاستقبال العضو الذكري والتأهل للاستمتاع؛ لتصبح الممارسة الجنسية مؤلمة وغير مجدية بالنسبة لها، حتى تتجنبها بعد ذلك.