(لغز مثير يحتاج إلى حل + دراما ثقيلة مرهقة للأعصاب + أحداث حقيقية) هذه هي المعادلة التي يعتمد عليها صناع الأفلام التي تستعرض جرائم واقعية تجذب عددًا هائلًا من المشاهدين الذين يحبون هذا النوع من الأعمال؛ كونها ترفع لهم الأدرينالين وتُبقيهم على مقاعدهم دون القدرة على الالتفات عن الشاشة ولو لحظة.
ومع أن البعض قد يجدون مثل تلك الأعمال مزعجةً نفسيًّا، لكن هذا لا ينفي قاعدتها الجماهيرية العريضة والإقبال عليها، فإذا كنتم من عشاق أفلام الجريمة أو ترغبون بسهرة تحبس الأنفاس؛ فإليكم هذه القائمة التي تضم أفلامًا لن تنسوها أبدًا، خاصةً أن مَن يرتكب الجرائم فيها هم الأقربون، بمن فيهم أفراد الأسرة أنفسهم الذين يُفترض فيهم صفتي الثقة والأمان، وجميع هذه الأفلام متوفرة للمشاهدة عبر منصة البث الأشهر في الوطن العربي «نتفليكس»:
1-«Girl in the Picture»: جريمة تكشف سرًّا عمره 30 عامًا
ماذا لو ظللت عمرك بأكمله لا تعرف هويتك الحقيقية؟ ماذا لو كان أقرب الناس إليك ليس ما يدَّعي ما يكونه؟ هذه هي الأسئلة التي تمحور حولها الفيلم الوثائقي الجديد والأصلي «Girl in the Picture» الذي صدر على منصة «نتفليكس» قبل عدة أيام.
يبدأ الفيلم بالعثور على جثة لشابة بأول العشرينيات، ومن ثمَّ تحاول الشرطة الوصول إلى القاتل، غير أن الاكتشافات التي يتوصَّلون إليها تزيد الأمور تعقيدًا؛ فالشابة متعددة الهويات وبتحليل الـDNA لطفلها يتضح أنه ليس من صُلب زوجها، بل إن زوجها نفسه يعرفه آخرون بصفته والدها!
فأين الحقيقة؟ وما أصل الحكاية؟ والأهم ما السر وراء الفتاة الصغيرة التي عثروا على صورتها خلال التحقيقات؟ أسئلة كثيرة يعود بعضها إلى 30 عامًا مضت ولا يعرف إجابتها سوى الزوج/الأب الذي اختطف ابن الضحية (رغم كونه ليس ابنه) وهرب بعيدًا، فهل ستتمكن جهات التحقيق من العثور عليه وفَكِّ كل تلك الألغاز أم فات الأوان؟ هذا ما ستدركه بنفسك.
2-«American Murder:The Family Next Door»: فقاعة «السوشيال ميديا»
صدر الفيلم الوثائقي «American Murder: The Family Next Door» عام 2020، عن زوجة أمريكية في الثلاثينيات من عمرها تبدو للآخرين امرأةً سعيدة وأمًّا مثالية لأطفال رائعين، تُشارك مَن حولها تفاصيل حياتها وصورها المُبهجة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ثم فجأة تختفي!
ولأن «السوشيال ميديا» لا تُخبرنا الحقيقة بالضرورة، فقد اكتشف الجميع، بعد البحث وراء اختفائها وأسبابه، أن الصورة التي كانت البطلة تتداولها عن نفسها زائفة، وأن العالم الافتراضي فقاعة كبيرة لها جانبها السوداوي تمامًا مثل جانبها البرَّاق، والأهم أن الطعنة الغادرة قد تأتي من أقرب الناس إليك، وهو ما ستكتشفه في الفيلم.
3-«Tell Me Who I Am»: أن تحيا عمرك بأكمله دون تذكُّر مَن أنت
أحيانًا تكون الأحداث الحقيقية أكثر غرابةً من أي دراما يمكن أن يختلقها الخيال، هذه إحدى القصص التي تندرج تحت المظلة نفسها؛ ففيلم «Tell Me Who I Am» الذي صدر في 2019، بطله مراهق يتعرَّض لحادثٍ أليمٍ يُفضي به إلى غيبوبة يظل حبيسها لمدة ثلاثة أشهر كاملة.
ويستيقظ بعدها وقد فقد الذاكرة بالكامل؛ ليس فقط فيما يتعلق بحياته وماضيه، وإنما حتى عن أبسط الأشياء والمهارات اليومية المكتسبة، مثل ركوب الدراجة أو طريقة عمل الشاي أو حتى كيف يأكل وجبة طعامه.
ولحسن حظه، أو هكذا يتصوَّر؛ يُقرر اللجوء إلى شقيقه التوأم لترميم ثغرات ذاكرته وإخباره عن ماضيه، ومع كل قصة وموقف يتأكد من أنه عاش طفولةً سعيدةً وحياةً رائعةً مع أبوين مثاليين، ويظل الوضع كذلك حتى وفاة الأب والأم، ومع البحث بين محتوياتهما المُخبأة؛ يكتشف البطل أن ما أخبره به أخوه لم يكن إلا كذبةً تُجمِّل واقعهما التعس، وحين يحاول حث الشقيق على إخباره الحقيقية؛ يرفض رفضًا قاطعًا.
فالأخ كان يريد حماية البطل من تأثير الذكريات المريرة، كما أنه لم يكن يُريد استرجاع الماضي الذي دفنه بعيدًا، فالحديث عن تلك الفظاعات تجعله يعيشها من جديدٍ، بينما البطل فاقد الذاكرة يحاول لملمة أشلاء الحكاية من هنا وهناك، ومع اقتراب شبح الموت وبلوغهما الكبر؛ يدفع البطل أخاه لإخباره بحقيقة ما جرى.
4-«Abducted in Plain Sight»: من الجاني؟
«اختطاف، اغتصاب، خداع» حكاية فائقة الغرابة، جرت في منتصف سبعينيات القرن الماضي واُستعرضت قصتها عبر فيلم «Abducted in Plain Sight» الذي صدر في 2019 وبدأ باختطاف رجل لابنة جيرانه، ومع أن الفتاة ذهبت معه بكامل إرادتها وعن علم من أمها بسبب ثقتها به نظرًا لقربه من الأسرة والأطفال؛ فإنه لا يلبث أن اختفى تمامًا برفقة الطفلة ولم يعثر عليهما أحد.
يستمر الاختفاء لشهورٍ عديدة، خلال ذلك الوقت يشرع الجار بإيهام الطفلة بأنهما مُختطفان من طرف كائنات فضائية تجبرهما على الزواج من بعضهما، وإقامة علاقة جنسية كاملة لإنجاب الطفل المنشود وإلا سيقوم الفضائيون بقتل أسرتها أو اختطاف شقيقتها لتلاقي المصير نفسه، فيما تُبَلِّغ أسرة الفتاة الشرطة التى تسعى جاهدةً للعثور على الفتاة المفقودة.
وحين يقع المجرم بيد العدالة أخيرًا؛ تكتم الطفلة السر عن الجميع خوفًا على عائلتها، وتخبر الشرطة أنها كانت معه بكامل إرادتها والأسوأ أنها وقعت في حبه بالفعل، والأكثر مدعاة للدهشة أن المجرم يظل على علاقته بالأسرة كاملةً، خاصةً مع امتلاكه أسرارًا مشينة عن بعضهم والتهديد بفضحهم، لتصبح مسألة وقت فقط قبل أن يعاود ممارسة أفعاله الدنيئة من جديدٍ والاختطاف مرةً أخرى!
وهو ما يضع المشاهدين أمام تساؤلات حتمية: هل الجاني هنا هو المدان الوحيد؟ وهل يمكن لوم طفلة على التستر على المؤذي ومنحه الأمان؟ والأهم هل يمكن اعتبار الأب والأم شركاء في تلك السلسلة من الجرائم المريضة طالما أنهما لم يوفرا الأمان والحماية الكافية لبناتهن؟
5-«Run»: من الأمومة ما قتل
«Run»، فيلم إثارة نفسية وغموض، أحداثه وإن كانت ليست مأخوذةً عن قصة حقيقية بحذافيرها، لكنها تتشابه إلى حدٍّ كبيرٍ مع قضايا حدثت بالفعل، أشهرها قصة المسلسل القصير الذي ينتمي لفئة دراما السيرة الذاتية والجريمة «The Act» والمتاح للمشاهدة عبر منصة «Hulu».
فيلم «Run» يحكي عن أم أفنت حياتها في خدمة ابنتها الوحيدة، والتي تعاني من الكثير من الأمراض الجسيمة، ومع بلوغ الابنة سن الالتحاق بالجامعة وانتظارها خطاب القبول؛ تكتشف بالصدفة أن والدتها تُجبرها على تناول دواء ما لا تعرف عنه شيئًا، وما يُثير لديها الريبة أن وصفة الدواء صدرت باسم الأم وليس باسمها.
ومن هنا تبدأ محاولاتها السرية لمعرفة كنه الدواء، في ظل حصار والدتها التام المفروض عليها، وانعزالها عن العالم والإنترنت، والأهم عدم قدرتها على مغادرة المنزل بسبب إصابتها بالشلل، وحين تكتشف الحقيقة التي يتبعها بدورها سلسلة من الانكشافات الأخرى غير المتوقعة على الإطلاق؛ تتحول الأم فجأة إلى شخصٍ آخر مؤذٍ نفسيًّا وجسديًّا بوضوحٍ وعن قصدٍ، فهل تستطيع الابنة الفرار من هذا الجحيم والإبلاغ عن أمها؟ أم تنتصر الأم ذات الباع الطويل بالتلاعب بمن حولها بمَن فيهم أهل بلدتها أنفسهم؟!