لا تختلف الرغبة الجنسية من شخص لآخر فقط، بل أيضًا للشخص نفسه على مدار العلاقة. يمكن أن تنخفض الرغبة الجنسية ويضعف الانتصاب لعدة أسباب منها نفسية وجسدية، لكن ذلك لا يجعلها بالضرورة اضطرابًا يستوجب العلاج، إلا إذا طال أمده دون سبب معروف، أو سبَّبت أزمة في علاقتك العاطفية، وفي كل الأحوال تظل حالة تنبئك بالكثير عن جسدك وحالتك النفسية، ومن الجيد أن تطلب المساعدة، لكن متى يمكنك الإقرار بأنك تعاني من تلك الحالة؟

في الواقع، كل شخص فريد جنسيًّا، ومن المستحيل تحديد الوضع المثالي للجميع؛ فالجنسانية فردية مثل الذوق في الطعام، وكذلك يريد البعض ممارسة الجنس أكثر أو أقل من الآخرين، لكن لسوء الحظ، يؤثر استمرار هذا الحال في العلاقة العاطفية، ويتلاشى حسن الظن، وتنزل غيمة قاتمة على العلاقة، وتزداد المشاحنات، ويتوالى الاتهام بالتقصير، خاصة وأن اعتراف الرجل بمعاناته الجنسية أمر صعب، وهنا نعرض لك الأسباب الرئيسية المحتملة لتراجع رغبتك الجنسية.

1- العلاقات طويلة الأمد غير المتجددة.. الملل يقتل!

يتأرجح الاهتمام بالجنس بشكل طبيعي مع مرور الوقت في العلاقات طويلة الأجل، لكن قد ينتج فقدان الرغبة الجنسية من مشكلات العلاقة نفسها، وقد يكون سببًا فيها؛ فيشعر الأزواج ذوو الرغبة الجنسية المرتفعة بالرفض، ويشعر الشركاء ذوو الرغبة المنخفضة بأنهم محاصرون، والتعاسة هي النتيجة لكلا الوضعين، وتدريجيًّا يختفي التلامس، والقبلات الودية، والعناق أثناء مشاهدة التلفزيون خوفًا من إساءة تفسيرهم. في النهاية، ما بدأ بوصفه مشكلة واحدة يصبح مشكلتين: اختلاف شدة الرغبة، والاستياء المزمن الذي يولده.

Embed from Getty Images

لمعرفة السبب الحقيقي يمكن استخدام فترة مبكرة من العلاقة معيارًا للمقارنة بالوضع الحالي، علاوة على ذلك فإن الشخص الذي يعاني من انخفاض في رغبته الجنسية بسبب وجوده في علاقة لسنوات، لا يعاني من الحالة نفسها إذا استدعي امرأة أخرى إلى مخيلته، وعليه معرفة سبب ذلك دون إلقاء الذنب كاملًا على شريكته.

يمكن أن يساعد وجود توقعات واقعية قبل الزواج على التعامل مع هذه الاختلافات بشكل أفضل، وكون الزوج مستجيبًا لرغبات شريكته هو أيضًا عامل تحفيز رئيسي، بالإضافة إلى أن الأزواج الذين يساهمون بشكل متساوٍ في العلاقة الجنسية يميلون إلى الشعور بالرضا الجنسي أكثر من الأزواج الذين يعتمدون على أحد طرفي العلاقة في ممارسة الجنس وطلبه أكثر من الآخر.

2- التمارين الرياضية المكثفة تقتل رغبتك الجنسية.. صدق أو لا تصدق!

من الممكن أن تتسبب الساعات المتزايدة من التمارين المكثفة إلى الإرهاق الجسدي والعقلي؛ ما قد يحد من رغبتك في ممارسة الجنس وإقدامك عليه، وربما لا يكون السبب مجرد إجهاد، بل نقصًا في هرموني التستوستيرون واللوتين الرئيسيين لممارسة الجنس عند الرجال.

Embed from Getty Images

ترتبط التمارين المتكررة والمكثفة بانخفاض الرغبة الجنسية؛ ففي نتيجة إحدى الدراسات التي أجراها باحثون من جامعة نورث كارولينا على 1077 رجلًا يمارسون أنشطة رياضية، كالجري، أو ركوب الدراجة، أو السباحة، أو رفع الأثقال، أبلغ الرجال الذين يمارسون الرياضة لأكثر من 10 ساعات أسبوعيًّا عن تراجع رغبتهم الجنسية.

يقول الباحثون إن تكثيف التمرينات قد يثير حالة تسمى «قصور الغدد التناسلية الذكرية»، والتي تحدث عندما يجري قمع هرموني التستوستيرون واللوتين، ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن كلًّا من النشاط البدني المعتدل والخفيف، من أربع إلى ست ساعات أسبوعيًّا، ارتبط بارتفاع نسبي في الرغبة الجنسية، ورغم ذلك تظل هناك نقطة تحول محتملة، وبعدها قد يؤدي الاستمرار في ممارسة التمارين إلى إضعاف الرغبة، وهي النقطة التي يسعى الباحثون إلى التوصل لتحديدها.

3- القلق والاكتئاب يؤثران في القدرة الجنسية!

على الرغم من أن مستقبلات التستوستيرون الخاملة في مناطق الدماغ المرتبطة بالمزاج قد تكون المسؤولة عن حالة الاكتئاب لديك، يمكن أيضًا أن تؤدي اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب أو القلق، إلى بدء حلقة مفرغة، كما يثبط الاكتئاب قدرة الخصيتين على إنتاج هرمون التستوستيرون؛ مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة.

حددت المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية الاكتئاب بوصفه أول سبب نفسي منفرد، ورابع الأسباب الرئيسية لضعف الرغبة الجنسية؛ فيغير الاكتئاب الشديد أو القصير المتكرر كل جوانب حياة الإنسان؛ فتنخفض طاقته، ويتراجع تقديره لذاته، ليعاني من نقص أو فقدان كامل في الاهتمام بالأنشطة التي وجدها ممتعة في السابق، بما في ذلك الجنس.

Embed from Getty Images

يشيع تراجع الرغبة الجنسية عند المكتئبين بنسبة 72%، وكانت صعوبة الانتصاب هي ثاني أكثر الاختلالات الوظيفية للمكتئبين بنسبة 29%، لكن تلك النسب تزيد مع بدء العلاج؛ فانخفاض الرغبة الجنسية هو أحد الآثار الجانبية الأساسية والشائعة للعلاج بالعقاقير المضادة للاكتئاب؛ لذا عليك التحدث إلى طبيبك إذا كنت تتناول مضادات الاكتئاب وتعاني من انخفاض في الرغبة الجنسية، وقد يعالج الآثار الجانبية للدواء عن طريق تعديل جرعتك أو علاجك بدواء آخر.

4- قلة الاهتمام والثقة في النفس أيضًا

قد يبدو هذا السبب بسيطًا، لكنه يحوي بداخله أكثر مما تتخيل؛ فيبدأ الأمر بتراجع تقديرك لذاتك، ورؤيتك السلبية لجسدك وقدراتك الجنسية؛ لأن عدم إعجابك بما تراه في المرآة يمكن أن يدفعك لتجنب ممارسة الجنس تمامًا. قد يؤدي تدني احترام الذات أيضًا إلى القلق بشأن الأداء الجنسي، مما قد يؤدي إلى مشكلات في الضعف الجنسي، وانخفاض الرغبة الجنسية.

بمرور الوقت، يمكن أن تؤدي مشكلات تقدير الذات إلى مشكلات صحية عقلية أكبر، مثل الاكتئاب والقلق، وتعاطي المخدرات أو الكحول، وقلة النوم لأكثر من أسبوع، وجميعها مرتبط بانخفاض الرغبة الجنسية.

5- فترات الحمل والولادة

يستغرق الأمر منذ اختبار الحمل الإيجابي لفطام الرضيع عامين تقريبًا، يتضمنان تغييرات كبيرة في العلاقة، بعضها رائع، والبعض الآخر صعب؛ فبعض الآباء المستقبليين يصبحون أكثر رغبة في شريكاتهم أثناء الحمل، بينما يتوقف البعض الآخر عن كل الأنشطة الجنسية، خاصة في أواخر الحمل؛ فيخشون إيذاء الجنين خلال الممارسة، أو أن يؤدي تقلص العضلات أثناء النشوة الجنسية إلى الولادة المبكرة، لكن الحقيقة أنه – وافتراض أن الحمل طبيعي – وأيًّا كانت درجة حماستكما فلن يؤذى الطفل، كما أن وصول المرأة لمتعتها الكاملة يسهِّل عليها عملية الولادة الطبيعية.

Embed from Getty Images

حتى إذا كنتما لا تمارسان الجنس الكامل لفترة، بسبب نقص رغبة أحدكما، حاولا الحفاظ على التواصل بقبلة، وعناق، وتلامس حميمي، ومداعبة تبادلية. أما إذا أصبحت نموذجًا للزوج اللامبالي، وأخذت تبحث عن شريكة جنسية أخرى! فمن الأفضل أن تحاول قضاء بعض الوقت مع صديق أو قريب تعجبك مهاراته الأبوية، وإطلاعه على مشاعرك بالخوف من المسؤولية والإرهاق.

قد يظل الجنس معلقًا، لكن معظم الآباء الجدد يجدون العاطفة غير الجنسية مطمئنة؛ لأنهم يتأقلمون مع كونهم آباء، وللحفاظ على علاقتك الجنسية بصفتك أبًا جديدًا اجعل حياتك العاطفية أولوية بتحديد مواعيد لممارسة الجنس، مرة أو اثنتين في الشهر، والاستمتاع بأمسية رومانسية بمساعدة أسرة مقربة يمكنها استضافة الطفل لبضعة ساعات، أما إذا استمرت المشكلة بعد الفطام فيمكنكما زيارة معالج جنسي.

6- تقدم العمر

تختلف شدة الرغبة الجنسية في كل فئة عمرية، وعبر كل فترات العلاقة، ولكن في أغلب الأحيان، عادة ما يمارس الأزواج الذين تقل أعمارهم عن 45 عامًا الجنس مرة واحدة أسبوعيًّا، لتقترب الستينيات وقد جف مهبل المرأة وتقلص عضو الرجل، وتراجعت رغبتهما عن ممارسة أي نشاط جنسي.

على عكس ما قد تتوقعه بالنسبة للرجال الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، فإن الأدوية لا تزيد رغبتهم، ونتائجها غير مضمونة إذا سعوا لانتصاب قوي، بخلاف أعراضها الجانبية الخطيرة؛ لذلك يمثلون ثلث المبيعات فقط، مقابل غالبية المستخدمين في الأربعينيات والخمسينيات من العمر.

بافتراض أن الرجل المسن يشارك امرأة مسنة في الفراش، والتي تعاني بالتبعية من جفاف المهبل وترقق أنسجته بعد انقطاع الطمث، يمكنهما إجراء تغييرات لزيادة الرضا الجنسي؛ فيمكنهما التوقف عن التركيز على الإيلاج بوصفه الطريقة الوحيدة للوصول إلى النشوة، والبحث عن ممارسات حميمية تُشعر بالسعادة والرضا الجنسي المشترك.

7- نقص هرمون الذكورة.. حان وقت زيارة الطبيب

قد تعتقد أن تراجع رغبتك الجنسية نحو شريكتك ناتج من نقص هرمون التستوستيرون، لكنه ليس العرض الوحيد؛ فإن الرجال الذين يعانون من انخفاض مستوى التستوستيرون يمارسون العادة السرية بشكل أقل، وتختفي خيالاتهم وأحلامهم الجنسية، وبخلاف ذلك هناك أعراض جسدية؛ لأن مستقبلات الهرمون موجودة بالفعل في جميع أنحاء جسمك؛ من العقل إلى العظام، وحتى الأوعية الدموية.

علوم

منذ 3 سنوات
6 علامات على نقص هرمون الذكورة.. هذه الأطعمة تصلح المشكلة!

يسبب نقص هرمون التستوستيرون تقلصًا في العضلات، وزيادة في الكتلة الدهنية بمنطقة البطن، وضمورًا أو ذبولًا في أنسجة القضيب وكيس الصفن والخصيتين، وتراجعًا في الوظائف العقلية والذاكرة، وهشاشة العظام، وجميعها أعراض تأتي مع تقدم العمر وانخفاض الهرمون بشكل طبيعي بدءًا من بلوغ 30 عامًا.

جدير بالملاحظة أن الشيخوخة ليست السبب الوحيد، بل يرافقها قصور الغدد التناسلية الذي قد يصيب الأجنة والبالغين لأسباب وراثية، أو عن طريق الصدفة، أو المرض؛ ومن الأمراض التي تسبب تراجعًا في إنتاج هرمون التستوستيرون: التهاب الخصية النكافي، واضطرابات الغدة النخامية التي تسببها الأدوية، أو الفشل الكلوي، أو الأورام الصغيرة، وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، والسمنة، والإجهاد العاطفي الشديد، أو الإجهاد البدني الناجم عن مرض أو جراحة، وبعض الأمراض الكامنة مثل أمراض القلب، وداء السكري، وقصور نشاط الغدة الدرقية.

الجيد في الأمر أن معظم الحالات يمكن علاجها، ويمكن تحسينها بالعلاج ببدائل التستوستيرون، وتقييم الخيارات المتاحة مع الطبيب المختص لتجنب الآثار الجانبية.

8- الآثار الجانبية لبعض الأدوية قد تقتل رغبتك الجنسية أيضًا

يمكن أن تؤدي بعض الأدوية لشعورك بتراجع رغبتك الجنسية التي اتقدت لسنوات، عن طريق خفضها لمستويات هرمون التستوستيرون، فقد تحرمك أدوية ضغط الدم من الانتصاب والقدرة على القذف، وكذلك العلاج الكيميائي والإشعاعي للسرطان، والعلاج الهرموني لسرطان البروستاتا المثبط للتستوستيرون.

من المدهش أن تسبب مسكنات الألم نقصًا في هرمون التستوستيرون، وخاصة المسكنات الأفيونية، مثل مورفين، وأوكسيكودون، وأسيتامينوفين، كذلك العقاقير الفعالة ضد الفطريات مثل كيتوكونازول، وأدوية ارتجاع المريء، والستيرويدات الابتنائية التي قد يستخدمها الرياضيون لزيادة الكتلة العضلية، وتناول أي من تلك الأدوية يسبب تراجعًا في الرغبة الجنسية.

المصادر

تحميل المزيد