هذا التقرير جزء من مشروع «الحج إلى واشنطن» لتغطية أنشطة لوبيات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة بين 2010-2022. ومعظم المعلومات الواردة في التقرير تستندُ إلى وثائق من قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل الأمريكية، تتبع لقانون «تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا)»، الذي يلزم جماعات الضغط بالإفصاح عن أنشطتها وأموالها، وكافة الوثائق متاحةٌ للتصفح على الإنترنت.
لا يفتأ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يتحدثُ عن تهديدٍ وجوديٍّ عاشته الدولة المصرية خلال العقد الماضي، وبلا مواربة، يصنِّف ثورة «25 يناير» بوصفها خطرًا هدَّد بتفكيك الدولة المصرية وأجهزتها.
ولكن المأزق السياسي في مصر لم ينتهِ عند ثورة يناير، بل تفجَّر من جديد في 2013 مع تحرُّك الجيش المصري لإطاحة الرئيس محمد مرسي، لتدخل مصر مرحلةً جديدة من التحولات السياسية الكبيرة، داخليًّا وخارجيًّا.
لمواكبة هذه التغيُّرات، نشطَ اللوبي المصري طوال العقد الماضي في واشنطن. أولًا، لخدمة نظام حسني مبارك، وبعد سقوطه، تحوَّل اللوبي لخدمة المجلس العسكري، الحاكم المؤقَّت لمصر بعد 2011 وحتى انتخاب مرسي، ثم بعد إطاحته، انصبَّت جهود اللوبي كاملة على امتصاص الضغط الأمريكي بعد 2013، والهدف الكبير: تعزيز موقع السيسي.
علاقةُ مصر بأمريكا مفصليَّة للقاهرة ولواشنطن؛ فالتحالف الأمني متين، وحجر الزاوية فيه إسرائيل، المركز الحرج للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. ورغمَ الأهمية الأمنية والإستراتيجية لمصر، شهدت العلاقات توترًا في عهد باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق، ولكن سرعان ما تنفَّس اللوبي الصعداء مع وصول دونالد ترامب، الرئيس الجمهوري السابق، الذي شهدت فترته تقاربًا ملحوظًا، إذ زارَ السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة ترامب الرئاسية، ووصفه ترامب في الزيارة الثانية بأنهُ «يقوم بعمل عظيم»، ووصفه لاحقًا بأنه «ديكتاتوره المفضل».
ويبدو أن الصفو الذي اتصفت به العلاقات المصرية الأمريكية في عهد ترامب، زادَ من قلق الحكومة المصرية بعد فوز جو بايدن، الذي توقَّع الكثيرون أنه سيعيد فتح الملفات المصرية السياسية والحقوقية التي تغافل عنها ترامب والحزب الجمهوري؛ إذ قال بايدن في إحدى تغريداته خلال حملته الانتخابية «اعتقال وتعذيب ونفي ناشطين… أو تهديد عائلاتهم أمر غير مقبول، ولا مزيد من الشيكات البيضاء للديكتاتور المفضَّل لترامب»، في إشارة مُباشرةٍ إلى السيسي دونَ ذكر اسمه.
Mohamed Amashah is finally home after 486 days in Egyptian prison for holding a protest sign. Arresting, torturing, and exiling activists like Sarah Hegazy and Mohamed Soltan or threatening their families is unacceptable. No more blank checks for Trump’s “favorite dictator.” https://t.co/RtZkbGh6ik
— Joe Biden (@JoeBiden) July 12, 2020
تغريدة جو بايدن، في منتصف 2020، أثناء حملته للانتخابات الرئاسيَّة، ويُندد في التغريدة بوضع حقوق الإنسان في مصر
تناول «ساسة بوست» العام الماضي في عدَّة تقارير نشاطات اللوبي المصري خلال عقدٍ كامل، من 2010 وحتى مطلع 2021، وفي هذا التقرير نُتابع بناء صورة اللوبي المصري، ونُغطي أنشطته منذ 2021 وحتى 2022: كيف استعدَّ اللوبي لقدوم بايدن، وكيف وظَّف موارده لخدمة أهدافه؟ وما أبرز التغيرات الملاحظة في نشاط اللوبي المصري؟
شركة كبيرة لخدمة السيسي وتلميع صورة النظام
وقَّع اللوبي المصري أربعةَ عقود في العامين الماضيين، سنأتي على ذكرها وفق أهميتها.
أبرز هذه العقود وأهمها، مع شركة «براونشتين هايت فاربر شريك – Brownstein Hyatt Farber Schreck»، واحدةٌ من كبرى شركات الضغط والخدمات القانونية في واشنطن. التعاقد باسم وزارة الخارجية المصريّة، وبدأ بتاريخ 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بعد أسبوع فقط من الانتخابات، وبعد يومين من تهنئة السيسي لجو بايدن بفوزه بالانتخابات، ولا زال التعاقد مستمرًّا، ودفعت فيه مصر حتى الآن قرابة مليون ونصف دولار أمريكيٍّ.
وقَّع على التعاقد معتز زهران، السفير المصري في أمريكا، ومن طرف الشركة وقَّع إد رويس، وجهٌ جديد ونافذ في سوق اللوبيات، وقد بدأ عمله لصالح مصر تقريبًا فورَ خروجه من الكونجرس، بعد أن كان نائبًا سابقًا من الحزب الجمهوري، وخطورة رويس تأتي من ترأسه حينها للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب من عام 2013 وحتى عام 2018. قدَّم رويس بيانًا عامَ 2013 بعد إطاحة الجيش المصري بالرئيس مرسي، يُدين في البيان «الفهمَ الخاطئ» للديمقراطية عند جماعة الإخوان المسلمين، ودعا الجيش للتصرُّف بحذر.
الاسم الرئيسي الآخر في التعاقد هو نديم الشامي، الذي عملَ بالكونجرس 25 عامًا، منها 10 أعوام بمنصب كبير موظفي نانسي بيلوسي، المتحدثة باسم الكونجرس (رئيسة المجلس)، وأهمِّ ديمقراطية في الكونجرس، ويُذكر أن الشامي يتكلم العربية بطلاقة، وأنَّه نشأ في مصر.


مقتطفٌ من ملفات شركة براونشتين هايت فاربر، يظهر مدفوعات الحكومة المصرية للشركة بين سبتمبر 2021 وفبراير 2022، وقيمتها: 390 ألف دولار أمريكي. المصدر: موقع وزارة العدل الأمريكية


باختصار، بهذا التعاقد يضربُ اللوبي المصري عصفورين بحجرٍ واحد، فإد رويس كان لسنوات شخصيةً مفتاحية في السياسة الخارجية، ومنفذٌ لمصر للتواصل مع الجمهوريين. أما الشامي، فمنصبه يُوضِّح أهميته، إذ عملَ لسنوات في طاقم واحدة من أهم زعماء الحزب الديمقراطي.
وبإيجاز، قبل الدخول في التفاصيل: تركَّز نشاط الشركة في الضغط على الحكومة الأمريكية، وتحديدًا وزارتي الخارجية والدفاع، وعلى الكونجرس الأمريكي، بحزبيه الديمقراطي والجمهوري، وروَّجت الشركة لشخص الرئيس المصري السيسي، وبعض تحرُّكاته داخل مصر، مثل علاقته بالكنيسة وبالأقليات الدينية المُختلفة، ومنها اليهوديَّة. وعَرَضت الشركة الموقف المصري في قضايا مهمة مثل سد النهضة، وملف المساعدات الأمريكية للجيش المصري، وحاولت شنَّ حملات للرد على الانتقادات بخصوص حقوق الإنسان والحريات السياسية في مصر.
وتاليًا نستعرض أنشطة الشركة واتصالاتها.
الأقليات الدينية في مصر.. وسيلةٌ للترويج للسيسي
ركَّزت الشركة بوضوح على ملف الحريَّات الدينية والأقليات في مصر، ونشرت باسم السفارة المصرية عددًا من الأوراق، قدَّمتها لأعضاء الكونجرس وبعض المؤسسات الإعلامية.
واحدةٌ منها تقدِّم صورة السيسي بوصفه أول رئيس مصري يحرص على حضور قداس عيد الميلاد، في كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة، بدايةً من عام 2015، وتشير إلى أنه تعهَّد في 2016 بأن يعيد ترميم وبناء الكنائس التي هُدمت وخُرّبت بفعل «الإرهاب» وبفعل عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، وفق الورقة.
كما يؤكد البيان أن الأقليات الدينية حصلت في عهد الرئيس السيسي على ما لم تحصل عليه من قبل، فالمسيحيون في مصر في ظل النظام الحالي تقلدوا مناصب حكومية رفيعة، وزيرٌ، ومحافظان، ونائبُ وزير، والعديد من القاضيات، وكبار الدبلوماسيين والسفراء، إضافة إلى 39 عضوًا في البرلمان. وصدرَ في 2020 قانون بإنشاء سلطات الوقف للكنائس الكاثوليكية والإنجيلية.
وتذكر الورقة أن مصر: «بذلت جهودًا كبيرة لترميم الكنائس المسيحية وترخيصها، وتقوية البنية التحتية للمجتمع اليهودي»، وتذكرُ مثالًا على ذلك تجديد المعبد اليهودي في الإسكندرية، كنيس النبي إلياه». وتقولُ الورقة إن الحكومة المصرية «استثمرت فيه أكثر من 6 ملايين دولار أمريكي»، بالتعاون مع منظمات يهوديَّة عالمية وأمريكية، ثم تُشير إلى ترميم الحكومة مقابر يهودية في مصر.


مقتطفٌ من أوراق دعائية، باسم السفارة الأمريكية في واشنطن، تنشرها شركة براونشتين هايت فاربر، ويظهر في هذه الصورة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قُدّاس عيد الميلاد السنوي، وهو أول رئيس مصري يحضره. المصدر: موقع وزارة العدل الأمريكية


ملف سد النهضة
لربما أهمُّ ملف عملت عليه الشركة هو سد النهضة الإثيوبي.
حاول اللوبي المصري توضيح الضرر الواقع على مصر من بناء السد وملئه، ومن أسلوب التفاوض والتواصل الإثيوبي. وفي ورقةٍ ترويجية، توضِّح الشركة أن مصر تولي اهتمامًا كبيرًا بالمنافع التي تعود على إثيوبيا من السد، ولكنها أيضًا تسعى لضمانات تحميها من أيَّة أضرار محتملة، وتوضِّح الورقة ضعف موقف مصر مائيًّا، بوصفها «أكبر الدول جفافًا على وجه الأرض».
صورةٌ تعبيرية لخريطة مصر، تُظهرها أرضًا جافَّة بالكامل، استخدمها اللوبي المصري في ورقةٍ تشرحُ موقف مصر من سد النهضة الإثيوبي. المصدر: موقع وزارة العدل الأمريكية
وتستدلُّ الورقة بدراسة لمعهد «ديلتاريس» للبحوث التطبيقية في مجال المياه الجوفية، تتحدث عن الآثار المحتملة لسد النهضة في مصر، وبين السطور يُلمِّح اللوبي المصري إلى خطر الهجرة، فيستدلُّ بتوقعات البحث بأن انخفاض مليار متر مكعَّب من الماء، سيؤدي إلى القضاء على أكثر من مليون وظيفة و 1.8 مليار دولار في الإنتاج الاقتصادي سنويًّا. وسوف يهاجر أهل الريف إلى المدن؛ ما سيرفع معدلات البطالة، ومعدلات الجريمة والهجرة، ولذلك تداعيات خطيرة في الشرق الأوسط وأوروبا.
وتواصلت الشركة في يناير (كانون الثاني) 2021 بكثافة مع أعضاء مجلس الشيوخ والنواب، ومع الخارجية الأمريكية والسفير الأمريكي، لمناقشة قضية سد النهضة، إضافةً إلى التواصل مع مؤسسات إعلامية عربية لطرح الملف أمامها، من بينها: العربية، وبرنامج السلطة الرابعة، وقناة الشرق للأخبار، وقناة العربية، وصوت أمريكا.
معتز زهران.. السفير الجديد في واشنطن
في منتصف 2020، عيَّنت مصر سفيرًا جديدًا لها في واشنطن، الدبلوماسي معتز زهران. وبعد مرور 100 يومٍ على توليه المنصب، ساعدته الشركة على نشر مقالٍ بتلك المناسبة، أكَّد فيه دور مصر القيادي في الشرق الأوسط، وأهمية العلاقات المصرية الأمريكية، مفتتحًا المقال قائلًا:«جالسًا في الحديقة الشرقية للبيت الأبيض، لحضور حفل توقيع اتفاقيات أبراهام، ولم يسعني إلا أن أتذكر اليوم الذي وقف فيه أنور السادات منذ 42 سنة. لقد كان هنا في ذلك الوقت، بشجاعة، لاتخاذ الخطوة الأولى نحو سلام دائم في الشرق الأوسط، جنبًا إلى جنب مع شريكنا القديم، الولايات المتحدة».
معتز زهران عملَ سفيرًا لمصر في كندا قبل نقله إلى واشنطن، وهو دبلوماسيّ مصري، وعملَ مستشارًا سياسيًّا ومسؤول علاقات مع الكونجرس في السفارة المصرية بواشنطن بين عامي 2007-2011.
ويبدو أنَّ السفير فاته حذفُ ما نشره في أوقاتٍ سابقة على حسابه في «تويتر»، وبإلقاء نظرةٍ على الحساب، نجدُ تغريدةً في 4 يوليو (حزيران) 2013، يقولُ فيها «مرسي ابن المعلم الزناتي اتهزم يا رجاله»، في إشارةٍ لمشهد شهير من مسرحية مدرسة المشاغبين. والمقصودُ بالهزيمة هنا الإطاحة العسكريّة بالرئيس المصري محمد مُرسي.
وفي تغريدةٍ أخرى بتاريخ 29 مايو (أيار) 2014، نشرَ صورةً لعدلي منصور، الذي أصبح الرئيس المؤقت لمصر بعد إطاحة مرسي، نظرًا إلى كونه رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر، يظهر منصور في صورةٍ مُزيَّفة، وبجانبه سيِّدتان تُقبلانه، وكُتب على الصورة:«هتوحشنا يا دودى :)»، نشرَ زهران التغريدة بعد يومٍ من إعلان فوزِ السيسي رئيسًا لمصر، بعد عقد انتخابات رئاسية في مايو (أيار) 2014.


تغريدة نشرها معتز زهران، السفير المصري في واشنطن، بتاريخ 4 يوليو (حزيران) 2013، يقولُ فيه «مرسي ابن المعلم الزناتي اتهزم يا رجاله»، في إشارةٍ لمشهد شهير من مسرحية مدرسة المشاغبين. والمقصودُ بالهزيمة هنا الإطاحة العسكريّة بالرئيس المصري محمد مُرسي


على الأجندة: موكب المومياوات ومؤتمرات في مصر
من الملفات التي روَّجت لها الشركة، النسخة الثانية من فعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة، الذي أقيم افتراضيًّا في الفترة من 1 إلى 5 مارس (آذار) 2021، بعنوان «صياغة واقع أفريقي جديد: نحو تعافٍ أقوى وإعادة بناء أفضل».
يُذكر أن مصر نظمت النسخة الأولى من منتدى أسوان في 2019 خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، ويناقش المنتدى قضايا الأمن والتنمية المستدامة، ويجمع بين ممثلين عن الحكومات الأفريقية، والمنظمات الدولية والإقليمية، والقطاع الخاص والمراكز البحثية.
أما الموكب الملكي للمومياوات، الذي أقيم في شهر أبريل (نيسان) 2021 في القاهرة، فكان له نصيب كبيرٌ من اهتمام الشركة، وروَّجت له عند عدد كبير من وسائل الإعلام، مثل «واشنطن بوست»، و«سي إن إن» و«ناشيونال جيوجرافيك».
إلى جانب ذلك، قدَّمت الشركة نشرة أخبار شهرية، تعرض أهم الأحداث على الساحة المصرية، ومن أبرز النقاط التي اهتمت بها السفارة المصرية هي الأنشطة المتعلقة بالتاريخ المصري الفرعوني واكتشافاته.
تكتل مصري في مواجهة تكتل ينتقد أوضاع حقوق الإنسان
في 25 يناير 2021، في الذكرى العاشرة لثورة يناير المصريَّة، أعلنَ نائبان ديمقراطيان، دون باير، وتوم مالينوفسكي، تشكيل تكتُّل في الكونجرس باسم «تكتُّل حقوق الإنسان في مصر». وأكَّدا أهمية العلاقات الأمريكية المصرية، ولكن مع التحفُّظ على سجل النظام المصري في حقوق الإنسان.
ومن الجدير بالذكر أن آية حجازي، الحقوقية المصرية الأمريكية، التي اعتُقلت في مصر، وهي ناخبة أمريكية، تتبعُ للدائرة الانتخابية التي يمثِّلها النائب باير، أحدُ مؤسسي التكتُّل.
أمامَ هذا التكتل، ينشطُ تكتلٌ يدعمه اللوبي المصري، يتزعمه النائب الديمقراطي دوتش روبرسبرجر، والنائب الجمهوري السابق جيف فورتنبيري. تواصلت الشركة عدة مرات مع روبرسبرجر لترتيب لقاءات له مع وفود مصرية، ومع اللواء عبد الرؤوف موسى، الملحق العسكري المصري في الولايات المتحدة. والنائب روبرسبرجر عضو في لجان المخصصات والدفاع بمجلس النواب.
وتواصلت الشركة أيضًا مع الرئيس الثاني للتكتُّل، فوتنبيري، وكان الاثنان قد حضرا احتفال السفارة المصرية في واشنطن بالعيد الوطني المصري في 11 يوليو (تموز) 2019.
RT @USEmbassyCairo: استقبل القائد العسكري الأعلى في تكساس تريسي نوريس، الملحق العسكري المصري بالولايات المتحدة، اللواء عبد الرؤوف موسى، يوم ٢٤ أغسطس في حدث تاريخي وخطوة نحو شراكة عسكرية طويلة بين تكساس ومصر. للمزيد:https://t.co/97ZMcSZtCR@TXmilitary pic.twitter.com/uc52swsa7G
— الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) August 26, 2020
صورٌ يظهرُ فيها الملحق العسكري المصري في أمريكا، اللواء عبد الرؤوف موسى. هنا يظهرُ في أغسطس (آب) 2020، في ضيافة القائد العسكري الأعلى في ولاية تكساس، تريسي نوريس
الفرقاطة الإيطالية ورحلة القاهرة على طاولة الضغط السياسي
أما في الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2020، تواصلَت الشركة مع عدد من أعضاء مجلس النواب، بخصوص وصول الفرقاطة الإيطالية «الجلالة» إلى ميناء الجلالة، ولا توضح الوثائق تفاصيل هذه الاتصالات.
أعلن الجيش المصري وصول الفرقاطة في 31 ديسمبر 2020، وهو الوقت نفسه الذي أصدرت فيه الخارجية الإيطالية، بيانًا ندَّد بقرار النائب العام المصري بإغلاق قضية مقتل جوليو ريجيني. وكانت مصر قد تعاقدت على شراء فرقاطتين من طراز «فريم» بمبلغ يتجاوز 1.1 مليار دولار أمريكي.
#المتحدث_العسكرى : وصول الفرقاطة “الجلالة” من طراز ( فريم بيرجامينى ) إلى قاعدة الإسكندرية … pic.twitter.com/Bm06mL9qXM
— المتحدث العسكري (@EgyArmySpox) December 31, 2020
في يناير 2021، اتصلت الشركة هاتفيًّا بويندي باركر، مستشارة أمن قوميٍّ لنانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي.
هدفُ الاتصالات ترتيبُ رحلة لموظفين من مكتب نانسي بيلوسي إلى مصر. ويُذكر أنه عام 2019، ألغى الرئيس ترامب رحلة متوقعة لبيلوسي إلى أفغانستان ومصر، قائلًا: «يؤسفني، بسبب الإغلاق، إبلاغكم أن رحلتكم إلى بروكسل ومصر وأفغانستان قد تأجلت، سنعيد جدولة هذه الرحلة التي كان من المقرر أن تستمر سبعة أيام، عندما ينتهي الإغلاق»، ويقصدُ بذلك توقُّف عمل الحكومة الأمريكية إثرَ خلافٍ بين ترامب وحزبه الجمهوري وبين الحزب الديمقراطيِّ. وبالنسبة لهذه الحادثة، أوضح مكتب بيلوسي أنَّ مصر لم تكن على جدول الرحلة أصلًا.
شد وجذب حول المعونة العسكرية وطائرات الأباتشي
وفي مارس (آذار) 2021، تواصلت الشركة مع ميرا ريسنيك، نائبة مساعد وزير الخارجية للأمن الإقليمي، في مكتب الشؤون السياسية العسكرية في الخارجية الأمريكية. وملفُ التواصل هو التمويل العسكري الأمريكي لمصر. كتبنا سابقًا عن ميرا، وهي موظفةٌ سابقةٌ في الكونجرس، وصهيونية مناصرةٌ لإسرائيل، ووصلت لمنصبها الحالي بعد فوز بايدن بالرئاسة.
نسَّقت الشركة أيضًا لمقابلة بين ميرا واللواء عبد الرؤوف موسى، الملحق العسكري المصري، في مارس 2021.
ومع أنَّ إدارة بايدن أعلنت أنها سوف تُجمِّد 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية السنوية لمصر، نظرًا لانعدام أي تحسن في وضع حقوق الإنسان، فإن عددًا من كبار المسؤولين، في وزارتي الدفاع والخارجية، أكدوا أهمية استمرار المساعدات الأمنية الأمريكية لمصر، ومن بينهم ميرا، التي أكَّدت في هذا السياق أن مصر «شريك أمني مهم» رغمَ وضع حقوق الإنسان فيها.
تجدد تواصل الشركة مع ميرا في يوليو 2021، بخصوص صفقة طائرات أباتشي، ففي 2019 سَعت القاهرة لإتمام صفقة سلاح مع واشنطن، بقيمة 2.3 مليارات دولار أمريكي، تشملُ تطوير 43 مروحية هجومية من طراز أباتشي.
أثارت الصفقة جدلًا واسعًا، وحاولَ حينها السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي منعَ تمرير الصفقة. ليهي عضوٌ في لجنة المخصصات، المعنيَّة بتوزيع المساعدات، والمُشرفة على موازنات الدفاع والجيش الأمريكي.
ولكن المزاج الأمريكي، سريع التبدل وقليل الاكتراث بحقوق الإنسان خارج حدود أمريكا، تغيَّر وانفتح أكثر على بيع السلاح لمصر. ورغمَ موقف بايدن المُعلن في حملته للانتخابات، وافقت إدارته على صفقتي تسليح لمصر، تتجاوز قيمتهما مليارين ونصف المليار دولار، وفي هذا السياق، أشارَت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنَّ إسرائيل ضغطت على واشنطن لتمرير بعض صفقات التسليح المصريَّة.
وفي يناير 2022 حصلت شركة «لوكهيد مارتن» على عقد بقيمة 102 مليون دولار، لدعم برنامج تحديث لطائرات الهليكوبتر الهجومية المصرية، من طراز أباتشي «Boeing AH-64».
مع الكونجرس والخارجية الأمريكية
تواصلت الشركة في شهر مارس 2021 مع روبرت ماركوس، كبير الموظفين بمكتب النائب الديمقراطي جريجوري ميكس، وهو شخصية مفتاحية لكونه رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب. سعت الشركة لترتيب زيارة لمكتب النائب إلى مصر، ويُذكر أن مساعده ماركوس درسَ اللغتين العربية والعبرية، وفقًا لحسابه على منصة «لينكدإن». أما النائب جريجوري، تقدم سابقًا ببيان تأييد لإدارة بايدن، لحجبها المعونة الأمريكية لمصر، بسبب أوضاع حقوق الإنسان والمحاكمات المسيسة، معتبرًا أن هذا القرار يتوافق مع سياسة الولايات المتحدة وقيمها.
وفي يناير 2021، اتصلت الشركة، بمكالمة فيديو، مع جوي هود، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، وجديرٌ بالذكر أنَّ هود شاركَ بنفسه، في سبتمبر (أيلول) 2021 في لقاء مع برنامج «60 دقيقة»، على قناة إكسترا نيوز المصرية، وأشادَ حينها بعلاقات الولايات المتحدة مع مصر ووصفها بأنها إستراتيجية ومهمة.
تواصل اللوبي عدَّة مرات مع النائب الجمهوري داريل عيسى، وبالتحديد في مارس 2021. وعيسى، ذو الأصول اللبنانية، رجل أعمال معروف قبل دخوله السياسة، وأهمُ رابط يجمعه باللوبي المصري، دعمه لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين «منظمةً إرهابية».
عيسى مناصرٌ قوي لإسرائيل طوال مسيرته في الكونجرس، وله تصريحاتٌ بشأن الأسرى استفزت اللبنانيين، إذ قال إن أوضاع الأسرى اللبنانيين في إسرائيل، تختلف عن الأسرى الإسرائيليين في لبنان، إذ يستطيع الصليب الأحمر زيارة الأسرى اللبنانيين ومتابعة حالتهم، على عكس الأسرى الإسرائيليين.
وكان عيسى قد زار مصر ثلاث مرات ضمن وفودٍ لمجلس النواب الأمريكي، وقابل في هذه الزيارات الرئيس السيسي مرتين، الأولى عامَ 2014، والثانية في 2019، وقابلَ أيضًا اللواء صدقي صبحي، حين كان وزيرًا للدفاع في 2018. وخلال زياراته أكَّد دعمه لمصر في مواجهة «الإرهاب».
وتواصل اللوبي المصري في يونيو (حزيران) 2021 مع إليوت أنجل، النائب الديمقراطي السابق، وهو من كبار الديمقراطيين في الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وكان قد أيَّدَ إطاحة الجيش بالرئيس مرسي عامَ 2013، وشارك مع النائب إد رويس (الذي يعملُ الآن في الشركة، لصالح اللوبي المصري) بيانه في تأييد تحرك الجيش، ورفضه لسياسة الإخوان المسلمين.
تواصلت الشركة مع نوابٍ آخرين معنيين بالسياسة الخارجية. مثل الديمقراطي تيد دوتش، رئيس لجنة مكافحة الإرهاب الفرعية في لجنة الخارجية، والجمهوريِّ مايكل ماكول، زعيم الأقلية الجمهورية في لجنة الخارجية، وعضو في لجنة الأمن القومي، والجمهوري جو ويلسون، زعيم الأقلية بلجنة مكافحة الإرهاب الفرعية.
والنواب الثلاثة، بالإضافة لإليوت أنجل، كتبوا في أبريل 2019 رسالةً إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكَّدوا فيها عمق العلاقات بين البلدين، وأشادوا بدور مصر في حفظ السلام في المنطقة مع جارتها إسرائيل. وشدَّدوا على ضرورة مراعاة مصر لملف حقوق الإنسان وطالبوا الإدارة المصرية بالسماح بوجود عدد أكبر من الدبلوماسيين الأمريكيين في شبه جزيرة سيناء، حيث ينفذ الجيش عدَّة عمليات عسكرية، إضافةً إلى السماح بوجود دبلوماسيين أمريكيين في أماكن أخرى في مصر.
وفي الرسالة نفسها عبَّروا عن قلقهم من تقارير تشيرُ إلى استخدام الجيش المصري والقوات الأمنية التعذيب والإخفاء القسري، والحبس التعسفي للمساجين السياسيين.
وتواصلت الشركة مع النائب الجمهوري جوس بيليراكيس عدة مرات، ورتَّضبت للقاءٍ معه في يونيو 2021، ويذكر أن النائب في شهر أغسطس الماضي أشادَ في تغريدة له على موقع «تويتر»، بموقف مصر ودورها الإستراتيجي في محاربة الإرهاب، إضافة إلى دورها فى وقف إطلاق النار بين غزة وإسرائيل.
تواصلٌ آخر مهم أجرته الشركة لصالح الزبون المصري، مع ماريو دياز بالارت، نائب جمهوري بلجنة المخصصات، وهو صاحب مشروع قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابية في عام 2015، وكان قد التقى بوزير الخارجية المصري سامح شكري في عامي 2016 و2019.
Met w #Egypt Foreign Affairs Minister. My bill HR3892 would designate Muslim Brotherhood as terrorist org pic.twitter.com/rq0VN8L3OS
— Mario Diaz-Balart (@MarioDB) February 10, 2016
أخيرًا وليس آخرًا في قائمة اتصالات الشركة مع الكونجرس، تواصلت مع السيناتور الجمهوري روي بلانت، وهو أحد المنددين بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وقدَّم في 2013 مشروعَ قانون يهدف إلى حماية الحريات الدينية في الشرق الأوسط وخاصة المسيحيين في مصر، تحديدًا بعد تدخُّل الجيش في 2013 ووصول البلاد إلى «حافة الحرب الأهلية» على حدِّ تعبيره.
شركتا علاقات عامة لخدمة الشركة الكبرى
تعاقد اللوبي المصري مع شركتين أخريين، وهما «ماراثون ستراتيجيز – Marathon Strategies LLC»، وشركة «هولي ستراتيجيز – Holly Strategies Incorporated».
بدأ التعاقد مع شركة «ماراثون ستراتيجيز» في 12 مارس 2021، وانتهى في 30 سبتمبر 2021، دون توثيق مدفوعاتٍ، وقالت الشركة في أحد ملفاتها إن على الزبون المصري مبالغ مستحقة لم يدفعها. يأتي التعاقد باسم السفارة المصرية في واشنطن، شفهيًّا وليس مكتوبًا.
تقدِّم الشركة خدمات علاقات عامة، ويمتلكها فيل سينجر، الذي عمل مديرًا لاتصالات تشاك شومر، السيناتور الديمقراطي البارز، زعيمُ الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، وعمل سينجر أيضًا نائبًا لمدير الاتصالات في حملة هيلاري كلينتون الانتخابية عام 2008. وهذا التعاقد نافذةٌ أخرى للوبي المصريِّ على الحزب الديمقراطي.
قدمت الشركة خدمات إعلامية لصالح السفارة المصرية، تركِّز خاصة على كبرى وسائل الإعلام الأمريكي، المرئي والمكتوب، وتحاول نشر مقالات رأي لمعتز زهران، السفير المصري في واشنطن، يتحدث فيها عن العلاقات المصرية الأمريكية، وعن الدور المحتمل للولايات المتحدة في مفاوضات سدِّ النهضة.
ولم توثِّق ملفات الشركة تفاصيل أخرى.
أما الشركة الثانية، «هولي ستراتيجيز»، فبدأ التعاقد معها بتاريخ 24 فبراير (شباط) 2021، ولم يتضح لنا إذا ما زالت العلاقة مستمرةً أم لا؛ إذ لم تنشر الشركة وثائق جديدة في الشهور الماضية. ونصَّ العقد على رسومٍ بقيمة 120 ألف دولار لمدة عام، ولكن لم تسجَّل أي مدفوعات حتى الآن.
من وثائق تعاقد شركة «هولي ستراتيجيز – Holly Strategies Incorporated»، ويظهرُ فيها بندٌ عن الخدمات التي ستقدمها الشركة: ضغطٌ سياسي لصالح الحكومة المصرية، ويليه بندٌ عن الرسوم المُتفق عليها: 120 ألف دولار سنويًّا. مصدر الصورة: موقع وزارة العدل الأمريكية
يملك الشركة ويعمل فيها جوش هولي، الذي عملَ موظفًا في الكونجرس، مع الجمهوريين، تحديدًا في لجنة القوات المسلحة. هولي خبيرٌ في سوق اللوبيات، وعمل في كبرى الشركات سابقًا، مثل «مجموعة بوديستا – Podesta Group»، وعملَ لصالح شركة «لوكهيد مارتن» الدفاعية، وتقدِّم الشركة خدمات ضغط سياسي لتقوية العلاقات المصرية الأمريكية، بالضغط على موظفين في الحكومة الأمريكية، وعلى الكونجرس.
وبعد توقيع العقد، في مارس 2021، أرسل هولي دعوة للاجتماع مع عدد من موظفي مجلس النواب، وجميعهم في لجنة القوات المسلحة، وهم ليزا ماكلين، وروني جاكسون، وكاي كاهيلي، و بريان برودي.
وفي 3 مارس، ناقش هولي العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر عبر الهاتف مع جوناثان لورد، موظف في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، ولورد مقرب من اللوبي الإسرائيلي، وعمل في مؤسسة داعمة للعلاقات الإسرائيلية الأمريكية، يتحدث العبرية بطلاقة، وفقًا لحسابه على «لينكدإن».
ويتوقع أن تكون جهود هولي ضغطت لتمرير صفقات السلاح سالفة الذكر، خاصةً بعد تعهد إدارة بايدن بالوقوف على ملف حقوق الإنسان بوصفه أولوية في العلاقات المصرية الأمريكية.
المنتدى السنوي هدف تعاقد مع شركة ضغط
التعاقد الأخير بين أيدينا لوزارة التعاون الدولي المصرية، مع شركة «أبكو وورلد – APCO Worldwide LLC»، بدأت بتاريخ 2 سبتمبر 2021 وانتهت في 7 ديسمبر 2021، وسجَّلت الوثائق خلال هذه المدة دفعَ 10 آلاف دولار.
ويُذكر أن الشركة نفسها عملت سابقًا لصالح جهاز المخابرات العامة المصري، منذ منتصف 2017 وحتى 20 أبريل 2018، ويمكنك الاطلاع على تفاصيل هذا التعاقد بالضغط (هنا).
يردُ اسم تامر نعيم في التعاقد، وهو المدير التنفيذي «للوحدة التشغيلية للمساعدة الإنمائية OUDA» بوزارة التعاون الدولي المصريَّة.
روَّجت الشركة لمؤتمر مصري دولي، باسم «المنتدى السنوي للتعاون والتمويل الدولي الإنمائي»، الذي عُقد في مصر في سبتمبر 2021. وقد تواصلت الشركة في الفترة من سبتمبر حتى نوفمبر 2021 بالإيميل والهاتف مع عدد من المؤسسات الإعلامية لتعزيز التغطية الإعلامية داخل الولايات المتحدة وأوروبا للمؤتمر، ومن أبرز هذه المؤسسات: وكالة «رويترز»، وشبكة «سي إن إن»، وصحيفة «فايننشال تايمز» وغيرها.
هذا التقرير جزءٌ من مشروع «الحج إلى واشنطن»، لقراءة المزيد عن «لوبيات» الشرق الأوسط اضغط هنا.