يعتقد الكثيرون أن تقبل المجتمعات فكرة المثلية الجنسية هو سلوك حديث نسبيًا، لكن ماذا لو عرفت أن الكثير من المجتمعات القديمة قد عرفت المثلية الجنسية؟ بل حتى كانت سلوكًا شائعًا لدى بعض الملوك والحكام الذين كانوا يمارسون المثلية الجنسية مع عشاقهم، ولكن في السر طبعًا، بعيدًا عن أعين شعوبهم.

الإسكندر الأكبر.. أحب الجنس بنوعيه

يُعد الإسكندر الأكبر، أو الإسكندر الثالث المقدوني، أحد أكثر القادة العسكريين والغازين والاستراتيجيين شهرة في التاريخ، وهو نفسه مؤسس مدينة الإسكندرية المصرية، ولد سنة 356 ق.م، ومعلمه هو العالم والفيلسوف أرسطو، لذا فليس غريبًا أنه حين وصل الإسكندر إلى عامه الثلاثين كان قد أسس إحدى أكبر وأعظم الإمبراطوريات التي عرفها العالم القديم، ولم يعرف يومًا الهزيمة في أية معركة.

Embed from Getty Images

الإسكندر الأكبر

بالنسبة للمجتمع اليوناني، لم تكن هناك مشكلة في وجود علاقة جنسية مع الرجال أو النساء، ولكن لابد للرجل من أن يتزوج لينجب وريثًا، والإسكندر تزوج بالفعل عدة مرات، لكن كان هناك بعض المصادر أشارت إلى علاقته مع رجل يدعى هيفايشون، وهناك رواية تقول إنه حين وصلت الملكة الفارسية ظنت أن هيفايشون هو الملك فقال لها الإسكندر: «لا يهم، هيفايشون هو أيضًا الإسكندر».

وقد رأى مؤرخون أن الإسكندر لم يكن مولعًا فقط بهيفايشون، بل كان هناك باجوس الذي تمتع معه بعلاقة قوية، واعتبروا باجوس شريكًا جنسيًا للإسكندر.

لكن هناك مؤرخين آخرين رفضوا فكرة المثلية الجنسية للإسكندر، وقالوا إن هيفايشون والإسكندر كانوا مجرد أصدقاء مقربين، وفي كل الأحوال لا يمكن الجزم بمثلية الإسكندر، وإن كان لا يمكن القطع بنفيها تمامُا أيضًا.

هادريان.. شيد لحبيبه مدينة في مصر

كان هادريان المولود عام 76م إمبراطور روما في الفترة من 117 إلى 138 ميلاديًا، تزوج من فيبيا سابينا ابنة أخت تراجان، والذي صار إمبراطورًا في وقت لاحق، وحين توفي الإمبراطور تراجان، ادعت أرملته بلوتينا أنه رشح هادريان كإمبراطور قبل وفاته مباشرة، ليتوج هادريان إمبراطورًا.

على الرغم من أنه لم يكن مألوفًا في روما وقتها أخذ الرجال بعضهم عشاقًا، إلا أن هادريان وفقًا لصحيفة «الإندبندنت» كان مختلفًا في جعل حبه المثلي لأنطونيوس «رسميًا» إلى جانب زوجته بطريقة لم يفعلها إمبراطور آخر، وحين زار هادريان مصر في عام 130م مع الوفد الإمبراطوري، بما في ذلك زوجته وأنطونيوس، خرجوا في رحلة فوق نهر النيل، وغرق أنطونيوس بتلك الرحلة في النيل بظروف غامضة، وحزن هارديان على أنطونيوس بشدة لدرجة أنه شيد له مدينة كاملة على ضفاف النيل، وأطلق عليها «أنطونيوبوليس»، ومكانها الحالي قرية «أنصنا» والمعروفة بقرية «الشيخ عبادة» في مركز ملوي بمحافظة المنيا المصرية.

الملكة آن.. أول ملوك بريطانيا العظمى

في لندن عام 1665 ولدت آن، وعاشت سنواتها الأولى في فرنسا، وفي عام 1683 تزوجت من الأمير جورج الدنماركي، لكن زواجها لم يكن سعيدًا، وعانت من الإجهاض المتكررة، أطيح بوالدها جيمس من الحكم عام 1688، ومع وفاة أختها ماري، ثم زوج أختها ويليام، توجت آن ملكة في عام 1702، وبعد دمج إنجلترا وأسكتلندا عام 1707 في مملكة واحدة، أصبحت آن أول ملكة لبريطانيا العظمى، أرادت آن الحكم من خلال الوزارات المختلطة، لكنها تأثرت بقرارات وزرائها وصديقتها المقربة جدًا سارة تشرشل، زوجة دوق مارلبورو، وإحدى جدات ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية.

«تعالِ إلي بأسرع ما يمكن؛ حتى ألصق نفسي بكِ»، وأيضًا «لا أستطيع الذهاب إلى الفراش دون أن أراكِ… إذا كنتِ تعرفين ما هي الحالة التي صنعتيها بيّ، فأنا متأكدة من أنك سترأفين بي» هذه نماذج من خطابات الملكة آن لصديقتها سارة تشرشل، والتي كُتبت منذ أكثر من 300 عام، ووصفتها جريدة «الديلي ميل» بأنها حميمة مثل العشاق، ورغم أن آن أحبت زوجها، لكنه جاء في المرتبة الثانية بعد سارة، والتي كانت مهووسة بها، وكانت تسافر مسافات طويلة لمجرد أن تلتقي بحبيبتها سارة، ومشاركتها «ساعات الحب الليلية» وفقًا لتعبير الصحيفة.

تلاعبت سارة بالملكة آن لتعزيز مصالح زوجها؛ وكانت تستغل علاقتها بالملكة لكسب ميزات سياسية ومادية، ورغم أن علاقتهما كان عمرها 20 عامًا وربما أكثر، ضاقت الملكة بألاعيب سارة، وتعذيبها إياها، لذا استبدلت بها صديقة جديدة تدعى أبيجيل، واستغنت الملكة آن عن سارة نهائيًا، وجاء الرد من سارة باتهام الملكة بإقامة علاقة مثلية مع أبيجيل، وكتبت مذكرات وضعت فيها رسائل الملكة إليها؛ مما أفقد العامة حبهم للملكة، لكن ظلت الملكة آن على حالها، حتى توفيت عام 1714.

إدوارد الثاني.. العشيق يُعدم والزوجة تنقلب

إدوارد الثاني والمولد عام 1284 هو أول أمير إنجليزي يحمل لقب أمير ويلز، والذي منحه له والده إدوارد الأول عام 1301، وبعد أن توفي إخوته الثلاثة الأكبر منه، ثم أبوه عام 1307، توج إدوارد الثاني ملكًا لإنجلترا، وكان من أول قراراته إعادة جافيستون إيرولدوم المطرود من والده سلفًا إلى فرنسا، كان سبب الطرد المعلن آنذاك تأثيره السيئ على إدوارد، لكن إدوارد صار ملكًا.

«تجاوز العقل»، «متطرف»، و«مبالغ فيه وغير معتدل»، هذا ما وصف به المؤرخون العلاقة بين الملك إدوارد الثاني وجايفستون، وبالأخص أن الملك حين أعاده إلى إنجلترا عام 1307 زوجه من ابنة أخته، مارجريت دي كلير، ليصبح قريبًا منه، وكان على إدوارد أن يتزوج هو الآخر، فتزوج من إيزابيلا الفرنسية في مطلع عام 1308.

وحين عاد إلى إنجلترا سارع إدوارد إلى جافيستون، ليعانقه ويقبله أمام مرأى الجميع، إيزابيلا لم تصمت على إهانة إدوارد لها، فأخبرت أباها الملك فيليب، والذي بدوره وبمعاونة البارونات أعدموا جايفستون، توالت الأحداث ودبرت إيزابيلا انقلابًا على زوجها إدوارد بمعاونة روجر مورتيمر، والذي اتخذته عشيقًا، وعزل إدوارد لصالح ابنه وإيزابيلا عام 1327، وسجن إدوارد الثاني في قلعة بيركلي، وقُتل هناك.

تاريخ وفلسفة

منذ 4 سنوات
أم تشرشل إحداهن.. قصة «أميرات الدولار» الأمريكيات المُباعات لنُبلاء أوروبا

يوليوس الثالث.. هل فعلها بابا الفاتيكان؟

جيوفاني ديل مونتي، هذا هو اسم الأصلي لبابا الكاثوليك يوليوس الثالث، الذي ولد عام 1487 في روما، شغل العديد من المناصب الدينية في الكنيسة الكاثوليكية، ثم أصبح كاردينالًا عام 1536، ثم انتخب بابا للكنيسة الكاثوليكية: أي بابا الفاتيكان عام 1550، وجاء انتخابه للتوفيق بين الجناح الفرنسي والألماني في الكنيسة الكاثوليكية المتصارعين، وأجرى في عهده القصير محاولات إصلاحية مترددة وقصيرة الأجل، خمس سنوات مدة عهده؛ فقد توفي عام 1555.

Embed from Getty Images

إنوتشنزو، متسول مراهق التقى به البابا، وفُتن به وفقًا للعديد من المصادر التاريخية، أخذه البابا معه، وحين صار البابا جعل أخاه يتبني الفتى إنوتشنزو، ومن الأحاديث التي تناثرت حول البابا والفتى أنه كان يشاركه السرير، وبينهما علاقة مثلية، ومما رجح مصداقية الأقاويل تعيين البابا إنوتشنزو كاردينالًا في سن صغيرة جدًا – ربما 18 عامًا – وأجج البابا بذلك الاحتجاجات داخل الكنيسة، لكنه لم يلتفت إليهم، بل منحه أيضًا منصب وكيله الدبلوماسي والسياسي الرئيس.

ظل إنوتشنزو بعد وفاة البابا يوليوس كاردينالًا، لكنه أدين بجرائم قتل أب وابنه، وأدين أيضًا باغتصاب سيدتين فقيرتين، وقُبض عليه وحبس، وهدد بتجريده من الكاردينال، لكن في النهاية سمحت له الكنيسة بالعودة بعد فترات من نفيه، ومات وهو يحمل قبعة الكاردينال.

ريتشارد.. «قلب الأسد» في الحرب فقط

اشتهر بقيادته الحملة الصليبية الثالثة، ومحاربته صلاح الدين الأيوبي لانتزاع القدس، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، الملك ريتشارد الأول ملك إنجلترا، والمعروف بـ«قلب الأسد»، ولد عام 1157 في مدينة أكسفورد الإنجليزية، وامتلك منذ نشأته قدرة سياسية وعسكرية كبيرة، وتمرد مع أخوته ضد والدهم هنري الثاني. وفي عام 1189 انضم إلى الملك فيليب الثاني الفرنسي ضد والده، وطارد والده حتى مات في يوليو (تموز) 1189، وتوج بذلك ملكًا لإنجلترا.

وفي وثيقة كشفت عن العلاقة بين ريتشارد والملك فيليب الثاني ملك فرنسا، ذكر فيها أحد المؤرخين المعاصر لهما في عام 1187 أن الرجلين كانا قريبين جدًا لدرجة أنه «في الليل لم يفصلهما السرير»، ووفقًا لجريدة «الجارديان» البريطانية، فإن ريتشارد الأول كان يعقد اجتماعه مع فيليب في حجرة نومه، وكان ريتشارد يجعل عبيده المفضلين ينامون أسفل فراشه؛ لذا اعتبر ريتشارد – وفقًا للصحيفة – رمزًا للمثليين.

مما يزيد من احتمالات كون ريتشارد وفيليب عشاقًا أن الأخير ساعد الأول في التتويج على عرش إنجلترا، وأيضًا تعليق روجر دي هوفيدين المؤرخ المعاصر لهما حين قال: «كان ملك فرنسا يحبه كنفسه»، على أية حال انتهى الأمر بهما بعداوة مريرة، ودخلا ضد بعضهما في حرب مفتوحة، فاز ريتشارد فيها بالعديد من المعارك، لكنه أصيب وهو يحاصر قلعة تشالوس بوسط فرنسا بجروح قاتلة وتوفي عام 1199.

المصادر

تحميل المزيد