يبدو أن جائحة كورونا التي أوقعت العالم أجمع في فوهة من الأزمات الصحية والاقتصادية أبت أن ترحل، إلا إن كانت قد غيرت من الهيكل التنظيمي للعديد من القطاعات. حتى عام 2022، وإن بدأ فيه العالم تنفس الصعداء، فقد كان يخبئ هو الآخر حصة ليست بقليلة من الأزمات؛ فلم نكد نفتك من الوباء حتى تصاعدت أخبار عن حرب روسية أوكرانية. حيث أسفر النزاع الروسي الأوكراني الذي بدأ في 24 فبراير (شباط) عن توترات جيوسياسية أدت إلى تقلبات في أسواق الطاقة وإرباك السياسة النقدية العالمية. يمكن القول إن السوق العالمية الآن تتخبط في ندرة المعروض وارتفاع في أسعار النفط والمواد الأساسية.

إن كان علينا تعلم شيء من التغيير والأزمات المفاجئة التي ألمت بالعالم وأبرزت البنية الهشة للسياسة الدولية فهو أن نترك مساحة للظروف الاستثنائية والخارجة عن السيطرة. وهو ما أيقنت أهميته الجزائر التي أصبحت أكثر وعيًا بمخاطر الصراعات الجيوسياسية، وتأثيرها على الاقتصاد، واتخذت خطوتها للحد من التداعيات.

في محاولتها التكيف مع الوضع غير المستقر للأسعار الدولية للسلع الأساسية وارتفاع أسعار المواد والمدخلات الأخرى التي تدخل في إنجاز مشاريع التجهيزات والتنمية، صدر عن الوزير الجزائري الأول، أيمن بن عبد الرحمن، تعليمة من شأنها وضع حد للمعاناة التي شهدتها قطاعات البناء، والأشغال العمومية، والري، والنقل، من نقص في التموين، وبالتالي اختلال التوازن الاقتصادي للصفقات العمومية.

حيث نتج عن هذا الوضع غير المتوقع والناجم أساسًا، وكما ذكرنا سابقًا عن وباء كورونا، والتوترات الجيوسياسية الدولية:

  • تكاليف إضافية معتبرة على التموينات.

  • توقف الأشغال في العديد من الورشات بسبب عدم قدرة المؤسسات على تحمل التكاليف الإضافية.

وبهذا أصبح من الضروري مراعاة الشروط الاستثنائية والخارجة عن السيطرة عند تنفيذ الصفقات العمومية وبالتالي تخفيف تداعياتها على المتعاملين المتعاقدين والمشاريع.

في تعليمة موجهة إلى المصالح المتعاقدة المكلفة بالصفقات العمومية وكذا هيئات الرقابة، جرى اعتماد التدابير التالية:

أ. بخصوص الصفقات العمومية قيد التنفيذ

تعديل آجال التنفيذ: يمكن إيقاف الآجال أو تمديدها، شريطة أن تقدم المؤسسة ما يثبت أنها ليست في وضع يمكنها من احترام آجال التنفيذ، أو أن تنفيذ بعض الخدمات التي تؤطرها الآجال من شأنه أن يولد تكاليف إضافية مبالغ فيها.

الإعفاء من غرامات التأخير: ويتجسد الإعفاء من العقوبات المتأخرة في إصدار أوامر مصلحية تتضمن إيقاف واستئناف الأشغال، من أجل معالجة هذه التأخيرات. وترفق بالملف شهادة إدارية تتضمن الإشارة إلى حالات الظروف غير المتوقعة.

التعويض أو الفسخ: يمكن أن يطالب المتعامل المتعاقد بالتعويض عند حدوث ظروف استثنائية من شأنها تهديده بخسارة فادحة، شرط أن يدعم طلبه بالوثائق اللازمة مثبتا أن الزيادة كانت استثنائية وغير متوقعة. كما يمكنه طلب الفسخ التعاقدي للصفقة.

المعالجة السريعة في عملية تسديد الفواتير المتعلقة بالصفقات العمومية المعنية: يتعين على المصالح المتعاقدة الإسراع في إجراءات دفع النفقات العمومية الناجمة عن تنفيذ ذات الصفقات العمومية بغض النظر عن الآجال المنصوص عليها في المادة 122 من المرسوم الرئاسي رقم 5: 246.1 المؤرخ في 16 سبتمبر (أيلول) 2015.

ب. الترتيبات المتعلقة بالصفقات العمومية المستقبلية

فيما يخص المشاريع والصفقات العمومية المستقبلية، يتعين على المصالح المتعاقدة أن تستحدث وتدرج ما يلي عن تحرير صفقة:

بند مراجعة الأسعار، الذي يجب بالضرورة أن يحدد إجراءات حساب المراجعة بالإضافة إلى تحديد فترات مراجعة الأسعار المحددة وفقًا للمعدل المتوقع لتقلبات الأسعار في النشاط الاقتصادي المعني.

النص في البند المتعلق بآجال التنفيذ عن إعفاء حائز الصفقة من غرامات التأخير وتمديد الآجال في حالة وجود ظروف تخرج عن مسؤوليته، ومن شأنها أن تحول دون تمكينه من احترام الآجال التعاقدية.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد