النخبة السياسية السودانية وغياب الدور الوطني

(1)

ظلت النخب السياسية السودانية ومنذ سقوط الفاشية الحاكمة (الإنقاذ) 2019، في تشاكس وانقسامات وصراعات مستمرة فيما بينها، وظل السودان يتدحرج في ظل تلك الانقسامات والصراعات السياسية، ظل المشروع الوطني والمسؤولية الوطنية غائبة تمامًا من تلك النخب والأحزاب، ظلوا على الدوام في صراعات أيديولوجية وحزبية عقيمة لا تؤدي إلى مشروع وطني حقيقي وبناء دولة مدنية متساوية الحقوق والواجبات.

تلك الصراعات هي نابعة من غياب دور السياسي والمثقف في المجتمع بالقيام بدوره الوطني ومسؤوليته السياسية الوطنية التي يجب أن يعلي فيها الحس الوطني والدور الوطني على الحس الحزبي والتكتل النخبوي لحساب الوطن.

(2)

ظل المكون العسكري الحاكم في السودان يعلب دورًا أساسيًّا في الصراعات السياسية السودانية، وظلت قيادة الجيش تحكم في السلطة بحكم الاتفاق بينهم وبين قوى الحرية والتغيير بالوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، إلى أن انقلب الجيش على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 واعتقلت القيادات السياسية ورئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك، ظلت الصراعات مستمرة والمواجهات مستمرة بينهم مثل قيادة للجيش والسلطة الحاكمة وبعض النخب السياسية التي كانت جزءًا من السلطة حتى انقلاب البرهان حميدتي في 25 أكتوبر 2021، تلك الصراعات كان الشعب هو ضحيتها وكانت النخب السياسية والحزبية لا تعرف منى المسؤولية الوطنية، كان يغيب عنها الدور الوطني الحقيقي نحو بناء الوطن على حساب الحزب والتكتلات الحزبية.

منذ الانقلاب جرت عدة سيناريوهات في المشهد السياسي السوداني وعدة مواجهات أدت إلى إضعاف الانقلاب، ولكن جددت المواجهة مرة أخرى فيما بين الأحزاب والجيش (انقلاب الرهان حميدتي).

(3)

ظلت النخبة السياسية والكيانات المدنية والمهنية كسولة من إنتاج وفاق وطني سياسي حاكم للسلطة في السودان، أصبح الانقسام هو العلامة والسمة بالبارزة في الساحة السياسة، بدءًا من انقسامات تجمع المهنيين ومرورًا بالانقسامات في قوى الحرية والتغيير، وهو الجسم الذي كان يقاسم السلطة مع العسكريين حتى انقلاب البرهان حميدتي، تلك الانقسامات والخلافات هي التي أضعفت السلطة وشجعت العسكريين في الأطماع والانفراد بالسلطة الحاكمة، وجعلت المكون المدني هو الأضعف وهو الحيطة المائلة التي يتكئ عليها فشل الفترة الانتقالية في كل صغيرة وكبيرة.

ما يعيب على النخب السياسية هو غياب الإجماع الكلي في القضايا الوطنية التي لا تقبل أنصاف المواقف، يجب ألا تختلف النخب السياسية حول سيادة الدولة وحول المشروعات الوطنية، وحول التحول الانتقالي نحو دولة الحقوق، يجب ألا تختلف في الكليات التي تقود الدولة والشعب إلى السلطة الحقيقية للشعب، ولكن غياب هذا الإجماع جعل النخب السياسية هي الفاشلة والأضعف، والتي لا تستطيع أن تقاوم حتى السلطة الانقلابية، لولا ذلك السد المنيع الذي لا يفتر ولا يقهر ولا يوقف المد الثوري والنضال والكفاح المستمر نحو الدولة المدنية، ألا وهو (لجان المقاومة).

(4)

لجان المقاومة ذلك الجسم الذي تكون في كل بقعة من بقاع السودان، وهو جسم مستقل عن الأحزاب والتكتلات الحزبية، هو الذي يقود الحراك في الشارع والمقاومة، لم يتفق مع قوى الحرية والتغيير نسبة للمصالحة المتضاربة فيما بينهم، قوي الحرية والتغيير هي من تعلي قيمة الأحزاب وتكتلاتهم علي قضايا الوطن والشعب ولجان المقاومة تعلي قيمة الوطن والمواطن على اختلافاتهم، وهذا المحك الذي جعل الفجوة بينهم كبيرة جدًّا.

أخيرًا قبل أن أختم، يجب ألا تتفتت التكتلات والأحزاب يجب أن تكون هنالك منظومات حزبية حقيقية منتخبة من قبل أعضائها، ويجب ان يكون هنالك دور وطني حقيقي للأحزاب في قيادة الدولة والتحول الديمقراطي المدني..

إلى أن نلتقي مرة أخرى

سلام ومحبة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد