إذا كنت طرفًا في علاقة طويلة الأمد كالزواج، فقد يبدو الفرق بين حياتك الجنسية في الأيام الأولى والآن صارخًا، ما يثير بداخلك تساؤلات عما إذا كانت علاقتك محكومًا عليها بالفشل في النهاية، أو ستبقى «زواجًا بلا جنس جيد» في أفضل الأحوال.
تلك الحالة التي تتضاءل أو تنعدم معها الممارسة الجنسية، وما يلازمها من الشعور بالتهديد أو الإحباط، هي في الحقيقة إعلان عن انتهاء مرحلة الافتتان والاكتشاف، مع استمرار الحب والألفة، ومزيد من المسؤوليات، وتراجع أولويات عن القائمة، وكل تلك الهموم التي يجب عليكما خلعها قبل دخول غرفة النوم، ولكن كيف؟
1- من الرغبة «نظريًا» إلى خطوة عملية
قد يظهر استياؤنا في الفراش من كل ما مررنا به طوال اليوم، لتتحول الاحتياجات الجنسية إلى خيالات رائعة نظريًا، ميئوس من تحقيقها في واقع محبط، لأنك لست حاضرًا، وللدقة «لست متيقظًا».
تعني «اليقظة» الانتباه إلى ما يحدث في الوقت الحاضر وملاحظة أفكارك ومشاعرك دون إصدار حكم، وهي أسلوب لعلاج الاكتئاب، وبدأ التعرف عليه مؤخرًا كطريقة لتحسين الحياة الجنسية للفرد، عن طريق تمارين بسيطة، كالتواصل مع الحواس أثناء الاستحمام، بالاستماع إلى الأصوات، وإحساس الماء على بشرتك، وملاحظة أية روائح، والنظر لأركان الحمام، في محاولة لاستحضار اللحظة الآنية، دون التفكير في شيء سواها.
سيساعدكما هذا التمرين على الشعور بلمساتكما، وإدراك مدى شعور الآخر بالرضا، أو مدى جمال رائحته، أو تردد صوته عند لمسه بطريقة معينة، وكل ذلك من شأنه استحضار اللحظة، وحتى إذا هاجمتك أفكار، فلا تتسرع وتلقي باللوم على نفسك، لكن اعترف بها، وابعدها عن بالك بهدوء، واستمر.
2- التخطيط مقابل العفوية
يقدر البشر العفوية بشكل كبير، ولا يريدون جنسًا مخططًا له، ومع ذلك إذا كان لدى الشريكين وظائف وأطفال وحياة كاملة، فعليهما بالتأكيد التخطيط للمستقبل، فلماذا لا يكون الجنس – تحديدًا – أحد أولوياتهما عند التخطيط؟
بناءً على مجموعة واسعة من الأبحاث حول الجنس والرغبة الجنسية، ما يقرب من 15% فقط من النساء يستجبن للممارسة العفوية، في حين أن معظمهن يشعرن برغبة في ممارسة الجنس فقط عند تعرضهن للإثارة. وجد اثنان من علماء النفس الإكلينيكي أن مكونات الجنس المثالي تختلف حسب الأذواق، لكن اتفق أسعد الأزواج على أمور متشابهة، مثل: التواصل، والتعاطف، واحترام الضعف، واللمس، والدعم عند الحاجة، ووضع خطة لممارسة الجنس، والعزم على الالتزام بالخطة، في حين لم تكن العفوية أو الرومانسية من مكونات الجنس المثالي. لذا لا تقلقا من جدولة مواعيد لممارسة الجنس؛ لأنه بينما تخططان لممارسة جنس رائع، ستتعمدان تهيئة الظروف التي قد تثير كلا منكما.
3- ما تعريفكما للممارسة المثالية؟
قد يقترح بعض الناصحين عليكما تغيير نوعية الجنس الذي تمارسونه لمزيد من الإثارة، إلا أن تلك النصائح قد تؤدي إلى توقعات غير حقيقة، يميل الأزواج بعدها إلى سؤال «لماذا حياتي الجنسية ليست بهذه الإثارة؟ لماذا لا نحاول باستمرار؟».
ذلك الاعتقاد الخاطئ بأن الجنس المثالي يعني أن يصل الزوج والزوجة إلى هزة الجماع معًا، قد يشعركما بالفشل لأنكما لستماا مستعدان دائمًا بنفس القدر، ما يجعلكما تتغافلان عن لمس بعضكما إلى أن يستمتع كلاكما. الحل هنا ألا ينسحب أحدكما من المباراة بعد إحراز أول هدف، كأن تستهدف متعتك وحدك أو تضحي بها من أجل الآخر، لكن بدلًا من ذلك حاولا تخفيف التوتر بشأن العلاقة، والتحدث أكثر عن التوقعات العملية لتسهيل الممارسة الجنسية، ليس برفض التوقعات غير المنطقية أو المجهدة، لكن أيضًا بتنمية مشاعر التعاطف مع الشريك الآخر والذات، والاعتراف بأن الممارسة المثالية هي المرضية لكليكما.
4- كيف تهربان من المسؤوليات ليلًا؟
وجدت دراسة أجراها معهد كينزي حول تأثير «كوفيد-19» على جودة الزواج أن 24٪ من المتزوجين يمارسون الجنس بشكل أقل مما كانوا عليه قبل الوباء، وأبلغ 17٪ من النساء عن انخفاض رضاهن الجنسي والعاطفي. السبب أنه عندما يستشعر دماغنا تهديدًا كأن أسدًا يلاحقنا، ينشط الجهاز العصبي، يرسل موادًا كيميائية، مثل الأدرينالين، والكورتيزول لمساعدتنا على الجري. بمجرد زوال التهديد، يعيدنا الجهاز العصبي السمبثاوي إلى حالة الهدوء، وتلك الحالة الهادئة مسؤولة أيضًا عن الإثارة الجنسية، فتعرف دماغنا أننا لن نرغب في ممارسة الجنس ما دام هناك أسد يطاردنا، متمثلًا في الضغوط اليومية.
يصبح الأمر أقل وضوحًا لعقلنا عندما نشعر بالتهديد، مع إمكانية إصابتنا بالفيروس، أو حلول موعد دفع الأقساط، لذلك يوصى الأطباء «بإكمال دورة التوتر» أو القيام بأشياء من شأنها الإشارة إلى الجسم بأن الخطر قد انتهى؛ كالركض بعد يوم طويل من العمل للهروب من التوتر – على الأقل حتى الغد – وحتى إذا كنتما لا تشعران بالسلام الكافي لممارسة الجنس، فلم يزل بإمكانكما لمس بعضكما، والاستلقاء على الفراش لمشاهدة فيلم، أو التمشية بين الحدائق، وممارسة قبول الذات، وكل هذه الأشياء تفيدكما، حتى عندما لا تؤدي إلى ممارسة الجنس.
5- الجودة أم الكم؟
إن ممارسة الجنس مرارًا ليست بنفس أهمية ممارسة الجنس المُرضي عندما يتعلق الأمر بمشاعرنا تجاه زواجنا؛ في دراسة حديثة نُشرت في مجلة «أرشيفات السلوك الجنسي» لقياس رضا الأزواج على مدار 13 عامًا، أشارت النتيجة إلى أن الرضا عن العلاقة لم يرتبط بعدد مرات ممارسة الجنس، بل كان الثنائي أكثر سعادة عند قيام شريكهم بسلوكيات عاطفية إيجابية أكثر، وسلبية أقل في المجمل، ما يعني أن أسعد الزيجات ليست بالضرورة تلك التي يعيش فيها الشريكان حياة جنسية أكثر نشاطًا، لكنها تلك التي يتلقى فيها الشريك عبارات مثل «أنا أحبك» أو «أشتاق إليك»، ولا يتعمد فيها أحد مضايقة الآخر وانتقاده.
6- ماذا تريدان حقًا عندما تتحدثان عن الجنس؟
من المؤكد أن الانخراط في الأنشطة الجنسية بمختلف أنواعها أمر أساسي لكونكما زوجين، لكن تلبية رغباتكما الجنسية يكون من خلال تحديد تفضيلاتكما الجنسية، بالإجابة عن ماذا، ومتى، وأين، وكيف، وكم مرة يريد كل منكما، وللقيام بذلك يمكن للطرف المبادر بينكما فتح نقاشًا حول الجنس، بتحديد مطلبه الجنسي والخيارات المتاحة لتحقيقه، ثم التمهيد للطرف الآخر عما يريد قوله، ومنحه الوقت للتفكير في الاقتراح دون ضغط.
يجب أن يكون الهدف الأول هو اكتشاف اهتمامات كل منكما في نقاش مفتوح، كما يجب أن يكون كل منكما قادرًا على شرح سبب قبوله أو رفضه دون مقاطعة، أما إذا كنت تشعر بالقلق أو الغضب، فعبر عن ذلك أو تراجع وأعد التفكير، وفي النهاية ضعا خطة تناسبكما معًا، وتستجيب للمخاوف التي أعرب عنها كلاكما.
7- حان وقت اللعب
تعتبر اللمسة الحميمية من الإمساك باليد إلى العناق، وكل تلك المداعبات اللطيفة غير الجنسية، جزءًا من منهج رواد حركة العلاج الجنسي الحديثة في معظم برامج علاج الزوجين، لكن تختلف تفضيلاتنا لدرجة الحميمية، وقد يكون لذلك علاقة كبيرة بأسلوب التعلق لدينا، والذي يتشكل في وقت مبكر من الحياة أثناء الرضاعة والطفولة.
لتفادي الحيرة والقلق، ومن ثم التكاسل، توفر بعض التطبيقات على الهاتف نموذجًا مماثلًا لدور المعالجة الجنس. يمكنكما البدء بتطبيقات مجانية مثل Couple game»، «Hot Sex Game» «Bliss، لتوفير التسلية في الأوقات المحددة لتحسين علاقتكما، مع شرح للمسات وتصرفات حميمية يوجهها كل منكما للآخر في دوره، وإمكانية ضبط التطبيق على درجة الحميمية بين «ناعم»، أو «عنيف»، أو «ساخن»، أو «عاطفي».