يمتلك مؤسسو الشركات الناشئة المبتدئون عادةً، تفاؤلًا كبيرًا عند التخطيط لمشروعاتهم، الأمر الذي يعد أساسيًّا للغاية في البداية، ويشكل دافعًا قويًّا للاستمرار في بذل الجهد والتغلب على التحديات الأولية، لكنه أيضًا يمثل خطرًا على المؤسسين بصورة كبيرة، إذ يجعلهم يتغاضون عن الأخطاء التي ينبغي عليهم تجنبها، لأنها ليست مغذية لذلك التفاؤل، ما يجلب عليهم خيبات أمل كثيرة فيما بعد.

في هذا التقرير، ننحي التفاؤل جانبًا لبعض الوقت، ونتناول أخطر تلك الأخطاء حتى يوازن المؤسسون نظرتهم إلى شركاتهم.

1- حل مشكلة غير موجودة.. اسأل عملاءك أولًا عما يحتاجون

تفشل الشركات لأسباب مختلفة، منها ما يمكن السيطرة عليه وتحييده مع الوقت، ومنها ما يمكنه هدم الشركة إذا لم يعالج منذ البداية، وهذا النوع من الأسباب هو الأخطر، ومن أخطره: حل مشكلة غير موجودة بالأساس.

حسب «CBInsights»، فإن ما نسبته 35% من الشركات الناشئة تفشل لأنهم يقدمون حلولًا لا يحتاجها أحد لمشكلة غير موجودة، وهو ما يقع فيه كثير من المؤسسين، إذ يهيمون حبًا في فكرتهم التي تحل مشكلة ما بطريقة مبتكرة، ومع الوقت يكتشفون أن لا أحد يهتم، وحتى أولئك الذين يهتمون، فهم في الحقيقة لا يهتمون كفاية لأن يدفعوا أموالًا نظيرَ ذلك الحل.

والحل بسيط للغاية: اسأل عملاءك قبل أن تقرر المضي قدمًا في إنشاء شركتك، وستصقل آراؤهم وانتقاداتهم فكرتك حتى تكون صالحة لهم، وبالتالي صالحة للسوق.

2- تجاهل مخاطر السوق.. شركتك لا تملك «كلمة السر» 

يظن كثير من المؤسسين المبتدئين أن فكرة شركتهم قادرة وحدها على التصدي لمخاطر السوق المتوقعة، فإما يتجاهلونها بالكلية أو لا يتجهزون لها بالقدر الكافي، وذلك شيء قاتل بالنسبة لأي شركة ناشئة.

حسب موقع «Entrepreneur»، فإن تجاهل مخاطر السوق هو السبب الأول لفشل الشركات الناشئة والشركات في العموم، لذلك فإن تحديد العميل المستهدف ومعرفة أسبابه للشراء وكيفية شرائه وأمكنة شرائه، يعد من أهم العوامل التي ينبغي عليك الاهتمام بها إذا أردت لشركتك النجاح، كما ينبغي عليك أيضًا تحديد منافسيك في السوق، وما يفعلونه مختلفًا عنك أو أفضل منك، بالإضافة إلى الاستعداد الدائم لتغيير مجالك بالكلية إذا لم يعد السوق قادرًا على مواكبة طموحاتك الريادية.

3- تعيين الفريق غير المناسب.. شركتك لا تحتاج إلى «ميسي» 

ربما يكون كثير منا قد عمل مع شخص غير مناسب لوظيفته من قبل، ذلك الشخص الذي لا يعرف ماذا يفعل أو لماذا يفعل ما يفعله بالأساس، يمثل ذلك السبب 14% من نسبة الشركات الناشئة التي أغلقت، ويميل المؤسسون دون غيرهم للتصديق بأنهم لن يقعوا في ذلك الفخ، وأنهم سيختارون الأشخاص المناسبين لفريقهم حتى يعينونهم على تحقيق أهداف الشركة بأفضل وجه، لكنهم قد يسقطوا في ذلك الفخ حتى وإن لم ينتبهوا له.

على سبيل المثال، يمكن للمؤسسين أن يعينوا أشخاصًا من أسرهم أو أقاربهم بغض النظر عن الكفاءة المطلوبة، وإن اكتشفوا أنهم غير مناسبين يصبح من الصعب عليهم أن ينبهونهم إلى ذلك أو يسرحونهم نظرًا لانخراط المشاعر العائلية في الأمر.

تمثيل آخر لذلك هو التوظيف بدون تحديد ما تحتاجه الشركة بالضبط، فربما تأتي بأشخاص أكفاء خوفًا من فقدانهم لكن الشركة لا تحتاج لخبراتهم الآن، ما يؤدي إلى خسارات على مستويات متعددة.

تنظيم قوة العمل هو الحل الأساسي الذي ينبغي عليك القيام به منذ بداية قرار التوظيف، وهو ما يسمح لك بتحديد مواطن الضعف في شركتك ومحاولة تقويتها بأشخاص أكفاء ومناسبين لتلك الوظائف في ذلك الوقت.

4- تجاهل التعليقات البناءة.. أنت لا تعرف كل شيء

يمكن للمؤسسين المبتدئين أن يكونوا متكبرين بصورةٍ أو بأخرى، وهو ما يتمثل في تجاهلهم للتعليقات من العملاء أو المستثمرين أو غيرهم، والتي يمكنها تحسين عمليات الشركة أو قدرة المؤسسين على التعامل مع المخاطر المختلفة.

التعليقات البناءة هي وسيلتك كمؤسس مبتدئ لخلق بيئة عمل صحية وزيادة الانتاجية وفرص تحقيق نتائج مرضية، كما أن الاستماع إليها وتحليلها ليس رفاهية يمكنك غض الطرف عنها، إذ إنك مهما بلغت من الخبرة فلن تستطيع الإلمام بكل شيء وامتلاك الحلول لجميع المشكلات التي تواجهك، لذلك فانظر دائمًا إلى تلك التعليقات بوصفها مشروعات حلول يمكنها أن تفتح لك أبوابًا كثيرة.

5- التأخر في إطلاق شركتك.. لا تضيع وقتك في التجهيز المبالغ فيه

يقول مايكل سيبيل، المؤسس لمسرعة أعمال «Y Combinator» الشهيرة، إن خطأ عدم إطلاق الشركات الناشئة يعد من أخطر الأخطاء التي يمكنها التسبب في فشلها، إذ يحرق بعض المؤسسين زمنًا طويلًا في التجهيز للإطلاق ومحاولة السيطرة على جميع المتغيرات التي يمكنها أن تؤثر بالسلب عليه، وربما ينتهي بهم الأمر إلى عدم إطلاق الشركة أصلًا، ما يؤدي إلى نتيجتين: الأولى هي صرف الكثير من الأموال دون أي عائد يغطي تلك المصروفات، والثانية هي أنه قد يفقد السوق لصالح شركة أخرى منافسة اقتحمته في أثناء انشغاله بالتنظيم الزائد عن الحد، أو أن يتغير السوق بالأساس ولا يعود محتاجًا لما تقدمه شركة أولئك المؤسسين.

6- عدم الاعتماد على البيانات..«الحدس» لا يكفي لإنجاح الشركات

في تقريرها للربع الثالث من عام 2021 تحت عنوان «حالة الثقافة البيانية»، والذي يُعنى بآثار تجاهل البيانات في مجال الأعمال، وجدت شركة «Alation» الرائدة في مجال حلول البيانات الذكية أن 97% من العاملين بالبيانات في الشركات المختلفة يقولون إن شركاتهم عانت عواقب تجاهلها للبيانات، سواءً كان ذلك في صورة فقدانها لفرص تزيد من عوائدها أو تنبؤات خطأ بخصوص أداء الموظفين أو القيام باستثمارات سيئة.

يعتقد مؤسسو الشركات الناشئة المبتدئون أن البيانات غير مهمة، ويعتمدون على حدسهم بدلًا منها، وهو ما يقودهم في النهاية إلى مشكلات شبيهة أو أكثر حدة، نظرًا لأن شركاتهم في طور التكوين ولا تمتلك نظامًا قادرًا على امتصاص الصدمات التي يمكن أن يسببها تجاهل البيانات.

7- الوصول إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي.. لا تستنزف نفسك

بوصفك مؤسسًا مبتدئًا لشركة ناشئة عليك التعامل مع أمور ضاغطة نفسيًا وذهنيًا، هذا طبيعي، لكن الاحتراق الوظيفي مختلف عن الضغط، ستعرفه حين تصل إلى نقطة يأمرك فيها جسمك بالتوقف والتقاط بعض الأنفاس، وتشعر ذهنيًّا بأنك مستنزف ولا تستطيع التفكير بصورة واضحة.

في مايو (أيار) من عام 2019، أدرجت منظمة الصحة العالمية الاحتراق الوظيفي ضمن تصنيفها للأمراض بوصفه ظاهرة وظيفية غير طبية، وعرفته على أنه متلازمة ناتجة عن قلق مزمن مرتبط بمكان العمل لم يتم التعامل معه بشكل ناجح، ويوصف بثلاثة أشياء: شعور باستنزاف الطاقة، والتفكير السلبي في الوظيفة، وانحدار الكفاءة في العمل، ويمكن للاحتراق الوظيفي إذا لم يتم التعامل معه بجدية أن يؤدي، ليس فقط إلى استنزافك بالكلية، ولكن أيضًا خروج شركتك عن مسارها المخطط له.

العالم والاقتصاد

منذ سنة واحدة
مترجم: إليك أسرع 10 دول نموًا في مجال الأعمال الصغيرة لعام 2021

هناك العديد من الاحتياطات التي يمكنك اتخاذها للوقاية من الاحتراق الوظيفي من البداية، مثل القيام بتقييمات دورية لحالتك النفسية والذهنية والأكل الصحي والتمرينات الرياضية المنتظمة، وأيضًا التنبه لعلاماته؛ حتى تستطيع التعامل معه بشكلٍ صحيحٍ يضمن أقل قدرٍ من المخاطر.

المصادر

تحميل المزيد