ترجِّح استطلاعات الرأي حول الانتخابات الفرنسية المرتقبة جولة إعادة بين ماكرون ولوبان.. وقد تحدث المفاجأة!

سلَّطت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية الضوء على استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات الرئاسية الفرنسية لاختيار الرئيس الجديد والثاني عشر للجمهورية الفرنسية الخامسة، يأتي ذلك في تحليل لكورنيليوس هيرش، محلل استخباراتي في الصحيفة الأمريكية.

وفي مطلع مقاله، أفاد الكاتب بأن العد التنازلي قد بدأ لأكبر انتخابات في أوروبا هذا العام، وفي 10 أبريل (نيسان)، يتوجه الناخبون في فرنسا إلى مراكز الاقتراع ليقرروا هل يمنحون إيمانويل ماكرون فترة رئاسية ثانية مدتها خمس سنوات أم لا. وتستكشف استطلاعات الرأي المحلية الرأي العام الفرنسي يوميًّا، وتُنتج كمياتٍ هائلة من البيانات التي تقدِّم، بمجرد تجميعها، نظرة ثاقبة لا غنى عنها لمعرفة النتيجة المحتملة لهذه الانتخابات- وتشير إلى مدى استمرار وجود عوامل محتملة غير معروفة أو متوقعة يمكن أن تحدث خللًا في مجريات الأمور.

تتعقب مجلة «بوليتيكو» جميع استطلاعات الرأي، وقد جمَّعتْ الأرقام الناتجة في الرسوم البيانية الخمسة الآتية:

1- ماكرون هو الخيار المفضل بوضوح.. ولكن

يوضح الكاتب أن البيانات الخاصة بنوايا التصويت في الجولتين الأولى (10 أبريل) والثانية (24 أبريل) من الانتخابات تشير إلى اتجاهاتٍ واضحة جدًّا نحو تفضيل مرشحَيْن رئيسَيْن. والمرشحان الأعلى تصنيفًا في الجولة الأولى يتأهلان إلى جولة ثانية ويتنافسان ضد بعضهما بعضًا بعد أسبوعين. ويتقدم ماكرون، الرئيس الحالي وساكن قصر الإليزيه، بفارق كبير في جميع استطلاعات الرأي الخاصة بالجولة الأولى، ولكن، بدأت آخر قفزة له في استطلاعات الرأي تتلاشى، واجتذبت مرشحة التجمع الوطني اليميني المتطرف مارين لوبان ناخبين من منافسها الجديد إريك زمور، الذي يبدو أن حملته متعثرة؛ ولذلك، تقلص تقدم ماكرون تقلصًا طفيفًا.

ويظهر الرسم السابق أن الجماهير الفرنسية فضلت ماكرون على المرشحين الآخرين بنسب ثابتة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بيد أن نسب تفضيله لدى الجماهير أخذت ترتفع مع بداية شن روسيا حربها ضد أوكرانيا، في أواخر فبراير (شباط) الماضي، وارتفعت أيضًا نسب تفضيل لوبان لكنها ظلت أقل من نسب ماكرون بفارق 8%، فيما انخفضت نسب تفضيل الجمهور لإريك زمور منذ ذلك الوقت.

2- أوكرانيا، وقضايا أخرى، مبعث قلق

يشير الكاتب إلى أنه قد يكون من الصعب محاولة تحديد ما يدور في أذهان الناخبين في الفترة التي تسبق الانتخابات، وما هي القضايا الرئيسة التي ربما تدفعهم للقول إنهم سيصوتون لمرشح بعينه، وغالبًا ما تعتمد الإجابات في استطلاعات الرأي إلى حد كبير على طريقة صياغة الأسئلة.

ويقدِّم الناخبون الفرنسيون إجاباتٍ متباينة للغاية عندما يُطلب منهم تحديد أ) التحدي الأكبر الذي تواجهه الأمة الفرنسية، ب) أهم قضية من وجهة نظرهم قبل التصويت. وهناك قلق عام من أن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل تهديدًا للأمن والاستقرار، ومن ثم تُمنَح هذه القضية أولوية كبيرة من حيث التحديات التي تواجهها فرنسا – ويشير التاريخ إلى أن هذا من شأنه أن يصب في مصلحة شاغل المنصب الحالي، لا سيما الشخص الذي حاول، وإن كان دون جدوى، التحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإثنائه عن شن الحرب، لكن القضايا المحلية الثابتة مثل الاقتصاد – وخاصة ارتفاع تكلفة المعيشة – والقضايا الاجتماعية تحتل مرتبة أعلى عندما يتعلق الأمر باختيار الرئيس.

يظهر الرسم السابق نسبة من المبحوثين وما القضايا التي يرونها الأكثر إلحاحًا في بلادهم في الوقت الراهن، ويشير اللون الوردي الغامق إلى القضية المُلحَّة الأولى، فيما يشير اللون الوردي الفاتح إلى القضية المُلحَّة الثانية أو الثالثة من وجهة نظر المبحوثين. وهذه القضايا بالترتيب، تكلفة المعيشة، والحرب في أوكرانيا، والبيئة، والرعاية الصحية، والهجرة، ومستوى الأجور، وعدم المساواة الاجتماعية، ونظام التقاعد، والتعليم، والإرهاب، والبطالة.

3- من المحتمل أن يصل الامتناع عن التصويت إلى مستوًى مرتفع جديد

في حين أن الاهتمام بالحملة الانتخابية ليس أقل مما كان عليه في السنوات الماضية، يشير المحلل إلى موقف عدد أكبر من الناخبين الذين يقولون إنهم يخططون للبقاء في منازلهم في يوم الانتخابات على نحو أكثر من أي وقت مضى، وبلغت أقل نسبة إقبال في الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية في السنوات الأخيرة 71.6% في عام 2002 – الأمر الذي ساعد اليمين المتطرف على دفع جان ماري لوبان إلى تحقيق نتائج مذهلة في جولة الإعادة أمام جاك شيراك.

وتساءل الكاتب: هل هناك فرنسيون غير مهتمين بالانتخابات الفرنسية؟ موضحًا أن كثيرًا من الناخبين الفرنسيين سيبقون في منازلهم ولن يشاركوا في التصويت، ومع أن الناخبين الفرنسيين لم يفقدوا الاهتمام بالسياسة أو الانتخابات على ما يبدو، فإنه من المرتقب أن تكون نسبة المشاركة في الجولة الأولى في 10 أبريل منخفضة انخفاضًا قياسيًّا، وفقًا لاستطلاعات الرأي.

يقارن الرسم السابق بين نسبة المبحوثين الفرنسيين الذين أبدوا استعدادهم للمشاركة في التصويت في الانتخابات المرتقبة، وبين المشاركة الفعلية للفرنسيين في انتخابات السنوات السابقة، إذ أبدى 69% من المبحوثين الفرنسيين استعدادهم للمشاركة في الانتخابات المرتقبة، فيما شارك 77.8% في انتخابات عام 2017، فيما كانت النسبة 79.5% عام 2012.

 4- هل قد تحدث مفاجأة؟

أفاد الكاتب بأنه بينما تشير نتائج الاستطلاعات إلى أن الأمر حُسِم بالفعل لمنافسي ماكرون، فقد يكون من السابق لأوانه استبعاد حدوث مفاجآت في النتائج المستقبلية، ويبدو أن أنصار المرشح اليساري جان لوك ميلينشون غير متأكدين لمَنْ سيصوتون في الجولة الثانية إذا خرج مرشحهم من السباق، كما يبدو مرجحًا، في الجولة الأولى. وقد يكون التصويت المحافظ واليميني المتطرف، بالإضافة إلى معدلات الامتناع العالية عن المشاركة في التصويت، وصفة جيدة لحدوث مفاجأة في هذه الانتخابات.

يظهر الرسم السابق نسبة المبحوثين الذين سيصوتون لماكرون أو لوبان في جولة الإعادة استنادًا إلى تفضيلاتهم في الجولة الأولى من الانتخابات، فمثلًا أبدى 100% من المبحوثين المؤيدين لماكرون استعدادهم التصويت لماكرون، فيما أبدى 98% من المبحوثين المؤيدين لمارين لوبان استعدادهم للتصويت لها في حين أبدى 2% منهم استعدادهم للتصويت لماكرون، وقد أبدى 83%من المبحوثين المؤيدين لزمور استعدادهم للتصويت للوبان في الجولة الثانية، في حين أبدى 8% منهم استعدادهم التصويت لماكرون، فيما بقي 9% غير محددين رأيهم.

5- هل يتكرر سيناريو عام 2017؟

ألمح الكاتب إلى أنه في الوقت الحالي، يبدو أن جولة الإعادة في 24 أبريل ستضع ماكرون في مواجهة لوبان، وهو تكرار لما حدث في انتخابات 2017. وتظهر استطلاعات الرأي أن النتيجة هي نفسها على الأرجح، ويتمتع ماكرون بفارق آمن في جميع استطلاعات الرأي التي تسأل عن نوايا التصويت في الجولة الثانية، بغض النظر عن خصمه، بحسب ما يختم الكاتب.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

عرض التعليقات
تحميل المزيد