نشر موقع «ميدل إيست آي» مقالًا للصحافي توم ويلز، يقول إنَّه عندما جلس بنيامين نتنياهو لتناول الغداء في برلين يوم الخميس مع المستشار الألماني لتأمين دعمه لإسرائيل، كان ناشط مؤيد للفلسطينيين يمتثل أمام المحكمة، لاتهامه بالمشاركة في احتجاج محظور.

تعود التهم إلى 15 مايو (أيار) العام الماضي، عندما أصدرت شرطة برلين حظرًا شاملًا على الاحتجاجات في يوم النكبة، الذكرى السنوية لطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين عند قيام دولة إسرائيل.

تضييق ممنهج

وأوضح ويلز أن الرجل الذي وُضع في قفص الاتهام هو سادس شخص يمثل أمام المحكمة في الأسابيع الأخيرة، في محاولة لإلغاء غرامة قدرها 300 يورو لكل منهم. وبينما لم تكن هناك احتجاجات كبيرة في ذلك اليوم، قالت الشرطة في ذلك الوقت إنها احتجزت 127 شخصًا لتحديهم الحظر.

لكن المتهمين قالوا للمحكمة إنهم بعيدًا عن الاحتجاج، قد حوصروا واحتجزتهم الشرطة بذرائع واهية؛ مثل ارتداء الوشاح الفلسطيني التقليدي المعروف باسم الكوفية، أو ارتداء ألوان العلم الفلسطيني.

Embed from Getty Images

مظاهرات في برلين مناهضة لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لألمانيا 

وقال الناشطون إن المحاكمات تظهر كيف تضيق ألمانيا الخناق على التعبير عن الهوية الفلسطينية في الداخل، بينما تواصل دعمها الثابت للاحتلال الإسرائيلي، وقد حدثت معظم الاعتقالات حول هيرمان بلاتز، ساحة مركزية في حي نويكولن في برلين، وموطن كبير للجالية الفلسطينية.

«أقابل أصدقائي فقط»

أشار ويلز إلى أنه قد أُسقطت القضية الأولى في نهاية الشهر الماضي بعد أن قال المدعى عليه، وهو يهودي أمريكي مناهض للفاشية، إنه سمع بإمكانية الاحتجاجات وأراد فقط معرفة ما يجري.

وأكد أنَّه لم يشارك في مظاهرة، ولم يكن يرتدي ما يرمز إلى القضية الفلسطينية عندما حاصرته الشرطة واعتقلته بعد ذلك. كما أسقطت قضية ناشط ألماني آخر يواجه المحاكمة اليوم، لأسباب مماثلة. لكن شهادة المتهمين الآخرين (من بينهم فلسطينيان) لم يقبلها القضاة بسهولة.

قال أحدهم إنه كان في المنطقة فقط لمقابلة أصدقائه، ونفى المزاعم الواردة في محضر للشرطة بأنه كان جزءًا من مظاهرة، وتجاهل أمرًا بمغادرة الميدان. وقال للمحكمة: «الشيء الوحيد الصحيح أنني كنت أرتدي كوفية، وهي جزء من هويتي بصفتي فلسطينيًّا».

ينقل ويلز عن متهم آخر قوله إنه كان يحمل علمًا فلسطينيًّا ملفوفًا استعاره من صديق وأراد العودة. ولكن في طريقه إلى مترو الأنفاق، أحاطت به الشرطة واعتقلته، وشكك في ادعاء الشرطة أنه لوَّح بالعلم في هتافات الحشد.

وقالت متهمة أخرى إنها وصلت هيرمان بلاتز لمقابلة أصدقائها بعد نصف ساعة من الوقت الذي تقول فيه الشرطة إن احتجاجًا قصيرًا حدث. كانوا قد انطلقوا من الميدان لمطعم في سونينالي، ما يسمى بـ«شارع العرب» في برلين، عندما أخبرهم الضباط أنه لا يمكنهم الذهاب أبعد من ذلك.

بالأمس، ولأول مرة استُدعي شاهد من الشرطة لشرح أفعاله، فقال للقاضي إنه وزميله اتبعوا الأوامر بتطويق مجموعة من الأشخاص، قبل إبعادهم واحدًا تلو الآخر.

واعترف بأنه لم ير أي احتجاج، لكن زملاءه حددوا واعتقلوا الأشخاص الذين وقفوا لأنهم كانوا يرتدون أوشحة فلسطينية أو ألوان العلم الفلسطيني.

وفي أربع قضايا حتى الآن، أجل القاضي المحاكمة لجمع المزيد من الأدلة، بما في ذلك استدعاء المزيد من شهود الشرطة.

الحق في التظاهر

قال محامي المتهم أحمد عابد لموقع «ميدل إيست آي»: «تكتب الشرطة في تقاريرها الكثير من الأشياء الخاطئة، ويستغرق الأمر وقتًا طويلًا لتوضيح ذلك».

في حين قال ناشطون متضامنون مع فلسطين إن حملة برلين على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين واعتقال الأشخاص الذين يرتدون فقط رموز الدولة الفلسطينية تعكس قمعًا مماثلًا في إسرائيل.

علق أحد المتهمين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته إلا بالأحرف الأولى من اسمه ، إم.جي: «الأمر لا يتعلق فقط بإسكات الأصوات الفلسطينية، ولكن أي شخص لا يتفق مع الأجندة الاستعمارية للحكومة».

الاحتلال الإسرائيلي

منذ سنة واحدة
«وجهان لعملة واحدة».. هكذا دعمت الصهيونية صعود النازية

وقد وصفت «هيومن رايتس ووتش» حظر التظاهر بأنه «قيد شديد يمثل عقوبة جماعية لمن يرغبون في التجمع السلمي».

مع أن قضايا المحكمة الحالية لا تنظر في السؤال الأساسي حول ما إذا كانت الشرطة قد تصرفت قانونيًّا في منع جميع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، يأمل الناشطون أن تلفت الإجراءات الانتباه إلى الطبيعة الزائفة للحظر.

ولكن تظل مسألة ما إذا كانت برلين ستحاول منع الاحتجاجات في يوم النكبة هذا العام معلقة، والذي سيصادف مرور 75 عامًا على تأسيس دولة إسرائيل وبدء الاحتلال المستمر حتى يومنا هذا.

ويختتم ويلز مقاله بأنَّ الناشطين أعلنوا خططًا للاحتجاج في برلين يوم السبت 20 مايو، وأطلقوا حملة للدفاع عن حقهم في فعل ذلك.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد