نشر موقع «أوول ذاتس إنتريستنج» (All That’s Interesting) تقريرًا أعدَّه ماركو مارجريتوف يُقدم فيه إطلالة على رجل ياباني يُدعى شوجي موريموتو، والذي يوفر خدمة غريبة تتمثل في تأجير نفسه، مقابل ألا يفعل شيئًا، عند من يشعرون بالوحدة والقلق اجتماعيًّا، وقد ارتفع الطلب على خدماته ارتفاعًا كبيرًا منذ تفشي جائحة كوفيد-19.

يشير الكاتب في مطلع تقريره إلى أن العاصمة اليابانية الصاخبة، طوكيو، على الرغم من أن أكثر من 37 مليون نسمة يقطنونها، يمكن أن تكون مكانًا تشعر فيه بالوحدة والرَّهبة. وحتى قبل تفشي جائحة كوفيد-19، واجه عدد لا يحصى من سكان طوكيو صعوبة في التغلب على مخاوفهم الاجتماعية. وإدراكًا جيدًا لهذه الحقيقة، عرض شوجي موريموتو خدماته، عدم فعل شيء على الإطلاق.

الياباني الذي يعرض نفسه للإيجار

وأوضح الكاتب أن الشاب البالغ من العمر 38 عامًا يكسب قوته من خلال تأجير نفسه للعملاء الذين لا يريدون أن يكونوا بمفردهم. ويُعرف موريموتو باسم «سان للإيجار» (Rental-san)، ويتقاضى 10 آلاف ين (أو 85 دولارًا) لكل جلسة. ووفقًا لصحيفة «الإندبندنت»، فقد فعل كل شيء، من مرافقة المطلقات في هدوء، إلى الغداء، إلى التلويح بالوداع لأحد العملاء وهو يستقل قطاره السريع مسافرًا.

وغرَّد على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» في يونيو (حزيران) 2018 قائلًا: «أنا أعرض نفسي للإيجار، بصفتي شخصًا لا يفعل أي شيء. هل تجد صعوبة في دخول المحلات وحدك؟ هل ينقصكم لاعب في الفريق؟ هل تحتاج شخصًا يحجز مكانًا لك؟ أنا غير قادر على فعل أي شيء باستثناء الأمور السهلة».

وفي حين عرض موريموتو خدماته في البداية بالمجان، فإنه أنجز الآن أكثر من 4 آلاف طلب مدفوع الأجر. ويعول موريموتو، وهو زوج وأب، أسرة ذات دخل مزدوج ويربي ابنه، في حين أن وجوده المحبوب على وسائل التواصل الاجتماعي جعله نجمًا على الصعيد الوطني حتى أن قصته باتت ملهمة للكتاب لتأليف الكتب أو كتابة مسلسل تلفزيوني.

وأشار الكاتب إلى أن موريموتو شخص ماهر وليس بالكسول، على الرغم من أن عمله قد يوحي بخلاف ذلك، وقد سعى الشاب، الحاصل على درجة الدراسات العليا في الفيزياء من جامعة أوساكا، سعيًا حثيثًا لبناء حياة مهنية تقليدية قبل أن يضطلع بوظيفته الجديدة. وبعد أن قيل له باستمرار إنه يفتقر إلى المبادرة، أدرك أن عدم فعل شيء يمكن أن يكون مهارة في حد ذاتها.

Embed from Getty Images

وقال: «كثيرًا ما قيل لي إنني لا أفعل ما يكفي، أو إنني لا أفعل أي شيء، لذلك أصبح هذا أمرًا معقدًا لي. وقررت الاستفادة من هذا وتحويله إلى عمل تجاري».

وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، تناسب الوظائف الذاتية المحددة بوقت موريموتو جيدًا، ذلك أن كونه شخصًا انطوائيًّا إلى حد ما وهادئًا عندما لا يعمل، فإن الدفع له مقابل الاستماع أو مرافقة الغرباء في المهمات يُعد أمرًا سهلًا ومجزيًا. ويرافق موريموتو، مرتديًا قبعة بيسبول زرقاء وغطاء للرأس، عميلًا أو اثنين يوميًّا، ويتعلم كثيرًا.

يقول موريموتو: «أعتقد أنه عندما يشعر الناس بالضعف أو يكونون في لحظاتهم الحميمة، فإنهم يصبحون أكثر حساسية تجاه الأشخاص القريبين منهم، مثل كيف سيُنظر إليهم، أو نوع الإجراءات التي سيتخذونها من أجلهم. ولذلك أعتقد أنهم يريدون فقط التواصل مع شخص غريب دون أي قيود». واكتسب موريموتو شهرة محلية.

هل الفكرة جديدة؟

ولفت الكاتب إلى أن اليابان وكوريا الجنوبية شهدت ظهور خدمات من هذا القبيل من قبل، ذلك أن هناك كثيرين يحتاجون إلى شخص غريب مدفوع الأجر ليحضر معهم التجمعات الاجتماعية المسموح فيها باصطحاب رفيق أو التظاهر بأن لديهم صديقًا عزيزًا في حين لا يملكون ذلك. حتى إن أحد الرجال يصف نفسه بأنه قبيح، ويؤجر نفسه لجعل العملاء يبدون أكثر وسامة بالمقارنة.

ومع ذلك، لا يملك موريموتو حِيلًا لإثارة الاهتمام. فقد رفض طلبات للظهور عاريًا أو تنظيف البيوت للناس من غير المرغوب فيهم ولا يقبل سوى الطلبات الحقيقية، وفقًا لشبكة «سي بي إس نيوز». وعندما أرادت أكاري شيراي المطلقة تناول الطعام في مطعمها المفضل دون التفكير في زوجها السابق، على سبيل المثال، وظَّفته للانضمام إليها بهدوء.

تاريخ

منذ سنة واحدة
مترجم: النهايات الغريبة لحياة 10 من أبرز أباطرة الرومان

وقالت أكاري: «شعرتُ وكأنني كنتُ مع شخص ما، لكن في الوقت نفسه شعرت أنني بمفردي، لأنه كان موجودًا بطريقة لا يتعين عليَّ فيها الانتباه لاحتياجاته أو التفكير فيه. لم أشعر بالحرج أو أن هناك دافعًا للتحدث. وربما كانت هذه هي المرة الأولى التي أتناول فيها الطعام في صمتٍ تام».

انقضت وجبة الغداء التي استمرت 45 دقيقة بسلاسة لكلا الشخصين المعنيين. وتمكنت أكاري من الاستمتاع بوجبة طعامها في وجود شخص غريب، بينما كان موريموتو يتقاضى راتبًا كبيرًا ويأكل. وحتى إن أكاري عرضت عليه صور زفافها وأخبرته بقصص، ورد موريموتو بضحكة خافتة أو ببضع كلمات.

وفي غضون ذلك، واجه آخرون مشكلاتٍ أكثر جدية يتعين عليهم التعامل معها. فمثلًا، طلب أحد العملاء من موريموتو الانضمام إليه أثناء عودة العميل إلى المكان الذي حاول فيه الانتحار لمعالجة الصدمة. واحتاج شخص آخر إلى رفقة أثناء استشارته طبيبًا لجراحة البواسير، بينما احتاج ثالث إلى شخص يسمعه وهو يتحدث عن جريمة قتل شهدها.

وقال موريموتو: «حتى لو بدا الناس طبيعيين وعلى ما يرام في ظاهرهم، فغالبًا ما يكون لديهم ماضٍ أو أسرار مروِّعة، أو مشكلات مستعصية»، مضيفًا أن «الأشخاص الذين يأتون إلي بمشكلات صعبة، عادةً لا يكونون أشخاصًا يبدون وكأنهم يعانون.. الجميع، حتى الذين يبدون على ما يرام، لديهم مجموعاتهم الخاصة من المشكلات والأسرار».

ويختم الكاتب تقريره بالقول إن موريموتو، ومنذ أن عرض خدماته أول مرة، كان يميل إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية المرهقين من الجائحة، وهتف للعملاء في سباقات الماراثون لتشجيعهم، ولوح لآخرين لتوديعهم كما لو كانوا أفضل الأصدقاء. وبدلًا من الحكم على العملاء بسبب نقاط ضعفهم المتصورة، يقرضهم موريموتو الرفقة – ويتعلم شيئًا جديدًا كل يوم.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد