في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالغزو الروسي لأوكرانيا، يعمل ناشطو الهندوس على تنفيذ إستراتيجية مخططة لتدمير المسلمين في الهند ومنازلهم ومتاجرهم ونمط حياتهم. هذا ما كشفته تاروشي أسواني في مقال لها على موقع «ذا دبلومات».
قالت أسواني إنه في يوم 20 أبريل (نيسان)، توغلت الجرافات في حي جهانجيربوري شمال دلهي بناءً على أوامر من السلطات المحلية، وهدمت العديد من المباني في المنطقة، بما في ذلك بوابة مدخل مسجد، فضلًا عن منازل ومتاجر للمسلمين. وبينما ادعت الشرطة المحلية والمسؤولون السياسيون أن المباني هُدمت لأنها بُنيت على نحو غير قانوني، أوقفت السلطات جرافة من هدم مدخل معبد هندوسي يقع على بعد 50 مترًا فقط من المسجد.
تضيف الكاتبة: «من الواضح أن عملية التجريف كانت تهدف إلى ترهيب المسلمين فقط وتدمير منازلهم وسبل عيشهم ودور عبادتهم. وهذا جزء من حملة ممنهجة من قبل ناشطي الهندوس للقضاء على المسلمين ونمط حياتهم».
من بين الذين دمرت سبل عيشهم يوم الأربعاء الماضي، إعجاز، البالغ من العمر 42 عامًا، إذ فقد عربته الخشبية التي يستخدمها لبيع الخضار في الحي، بين أنقاض المباني والمحلات التجارية في جاهانجيربوري، وتحطمت حياة إعجاز ووسائل رزقه – إلى جانب أحلامه في أن يكون مسلمًا في الهند.
قبل أيام قليلة فقط – تشير أسواني – اندلع العنف الطائفي في جهانجيربوري عندما حاول ناشطو هندوتفا – المشاركون في موكب للاحتفال بمهرجان ديني هندوسي – رفع الأعلام بلون الزعفران، أمام مسجد محلي. وتلا ذلك اشتباكات بين الهندوس والمسلمين، شارك خلالها الجانبان في رشق الحجارة وإشعال النيران. كما احترقت بعض المركبات.
الحوادث ضد المسلمين في الهند.. عشوائية أم مدبرة؟
عادة ما يجري تصوير هذا العنف على أنه عشوائي. ومع ذلك، غالبًا ما يجري التخطيط للحوادث. تهدف المواكب في الأحياء الإسلامية، ورفع الأعلام أو ترديد الشعارات الدينية أو الصلاة بالقرب من المساجد، إلى استفزاز المسلمين وإثارة العنف. وهذا ليس نادرًا في الهند اليوم.
قبل أيام من الاشتباكات في جهانجيربوري، شهدت المهرجانات الهندوسية في نافراتري ورام نافامي العديد من حلقات العنف والمضايقات والاستفزاز للمسلمين في جميع أنحاء الهند. وفي ولاية غوجارات، قتل شخص واحد خلال الاشتباكات الطائفية. وفي ولاية ماديا براديش، وفقًا للأرقام الرسمية، اعتُقل 77 شخصًا. وأشارت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن معظم المعتقلين من المسلمين. ووقعت اشتباكات في منطقة هوراه بولاية البنغال الغربية أيضًا. في جهارخاند، حيث أدى رشق الحجارة إلى إصابة الكثيرين، مما أجبر الشرطة على الانتشار في الشوارع بأعداد كبيرة.
وتؤكد أسواني أن ثمة لقطات فيديو تظهر أفراد عصابة هندوسية يلوحون بالسيوف وهم يرفعون علمًا في مسجد في منطقة مظفربور بولاية بيهار، في حين راقب المسلمون تدنيس مكان عبادتهم بهدوء، وهم بلا حول ولا قوة. وفي منطقة خارجون بولاية ماديا براديش، تظاهر خمسة آلاف هندوسي في موكب رام نافامي أمام مسجد ورددوا هتافات معادية للمسلمين هناك. وأعقب ذلك اشتباكات، ووفقًا لمسلمين محليين، فقد نُهبت منازلهم وأُضرمت النيران في 10 منازل على الأقل.
نظرًا إلى الدعم الذي يتمتعون به من الدولة، فإن ناشطي الهندوتفا لا يخشون مواجهة العواقب أو التداعيات القانونية. على مدار الشهر الماضي، شوهدت حشود هندوتفا تلوح بالسيوف في المواكب وتدنس المساجد. يحدث مثل هذا العنف الاستفزازي خلال شهر رمضان، وغالبًا عندما يستعد المسلمون للإفطار. وتقول الكاتبة تعليقًا على الأمر: «إن وقاحة حشود الهندوتفا مقلقة».
وتعود الكاتبة لتؤكد أن ما أظهرته مقاطع الفيديو التي تجري مشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي من تفاخر الهندوس بالسيوف وتهديدهم باستخدامها لقتل المسلمين وتشويههم. وهذا الفخر والبهجة لتدميرهم المحلات التجارية والمنازل المملوكة للمسلمين أمر مؤلم، بحسب الكاتبة.
كما شهدت الأشهر الأخيرة تصاعدًا في التحذيرات من الإبادة الجماعية التي هدد بها زعماء الهندوتفا الدينيون. وأطلق الزعماء الدينيون أكثر من 18 دعوة للخطف والاغتصاب والإبادة الجماعية للمسلمين ومقاطعة أعمالهم. ودعوا إلى القضاء على الثقافة الإسلامية في الهند. هؤلاء القادة يستخدمون الناس العاديين جنودًا لتحقيق هدفهم في إقامة دولة هندوسية في الهند.
في دارام سانسادس أو التجمعات الدينية، يلوح رجال يرتدون أوشحة وأثوابًا بلون الزعفران بالسيوف والقضبان المعدنية والمسدسات، ويصيحون بشعارات معادية للمسلمين. وهذا يحدث في جميع أنحاء الهند، بحسب الكاتبة.
اتهامات للحكومة بالتواطؤ
في غضون ذلك – تضيف أسواني – التزم رئيس الوزراء ناريندرا مودي الصمت، مما دفع قادة 13 حزبًا معارضًا إلى إدانته لعدم التنديد بالعنف المتصاعد في البلاد. ويستهدف حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم والمنظمات التابعة له بشكل علني المسلمين في جميع أنحاء الهند، وقد استفادوا بشكل كبير من هذا الاستقطاب في الانتخابات.
في مايو (أيار) من هذا العام، سيكمل مودي ثماني سنوات رئيسًا لوزراء الهند. ووفقًا لجهود أطراف مستقلة لتتبع جرائم الكراهية، جرى ارتكاب أكثر من 400 جريمة كراهية ضد المسلمين في الهند في السنوات الأربع الماضية، بحسب الكاتبة. وثمة منظمتان مرتبطتان بحزب بهاراتيا جاناتا في طليعة العنف ضد المسلمين. تمارس هاتان المنظمتان أعمال عنف منظمة جيدة التخطيط والتنسيق تستهدف المسلمين، تحت لباس الاحتفال بالأعياد الهندوسية.
خلال المهرجانات الأخيرة، فرضت هذه المنظمات حظرًا في العديد من الأماكن على أنشطة المسلمين، مثل تناول اللحوم التي تعد جزءًا من الثقافة الإسلامية. لقد تسبب محو المسلمين على هذا النحو، وأسلوب حياتهم في حالة من الإحباط. ويدرك الكثيرون مثل إعجاز الذين يكافحون للعيش أن قدرتهم على كسب الرزق معرضة للخطر في ظل حكومة مودي.
وتختتم الكاتبة مقالها بما قاله إعجاز: «لقد امتلكت عربة خشبية، ما الضرر الذي ألحقه بأي شخص؟»، مضيفًا::«أولاً دمروا عربتي ثم منزلي المكون من غرفة واحدة. إلى أين سنذهب؟ كل يوم هو صراع جديد بسبب الناس الذين يكرهوننا. ألا يرون أننا نموت؟».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».