نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالًا لمراسلها مايكل كرولي، يقول إنَّ سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، أو مجلس الشيوخ في انتخابات التجديد النصفي الأسبوع المقبل، قد تؤدي إلى تعقيد جهود إدارة بايدن للدفاع عن أوكرانيا، وإلى استجواب علني للمسؤولين الذين شاركوا في الانسحاب الأمريكي من أفغانستان العام الماضي.
وأوضح كرولي أن الكونجرس يتمتع بنفوذ على الشؤون الداخلية أكثر من السياسة الخارجية، وذلك بفضل السلطات الواسعة للرئيس بصفته قائدًا أعلى للقوات المسلحة. لكن الديمقراطيين يستعدون لبيئة أمن قومي أكثر وتسييسًا إذا ما سيطر الجمهوريون على البرامج التشريعية ورئاسات اللجان وتوزيع الميزانيات.
تشكيك في نوايا الجمهوريين
يسهب كرولي بأنَّ الأمر الأكثر إثارة للقلق لإدارة بايدن احتمال إبطاء الجمهوريين تدفق الأموال والأسلحة إلى أوكرانيا، الذي بدأ قبل غزو روسيا في فبراير (شباط). وقال النائب الجمهوري كيفين مكارثي من ولاية كاليفورنيا، زعيم الأقلية، الشهر الماضي إن مجلس النواب إذا قاده الجمهوريون، لن يكون مستعدًّا للموافقة على تقديم شيكات على بياض لأوكرانيا.
ووافق الكونجرس على منح 60 مليار دولار مساعدات لأوكرانيا منذ بدء الحرب، دون شروط صريحة. لكن بعض الجمهوريين، بتشجيع من المحافظين البارزين مثل مذيع قناة «فوكس نيوز» تاكر كارلسون، يتساءلون بشكل متزايد عن ثمن المساعدات الأمريكية للبلاد.
ويستدرك كرولي، بأنَّه مع ذلك يشك العديد من المحافظين في أن تعليقات السيد مكارثي وتعليقات بعض المرشحين الجمهوريين تعني أن مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون سيحد من دعم الولايات المتحدة.
النائب الجمهوري كيفن مكارثي، زعيم الأقلية في مجلس النواب
ووصفت دانييل بليتكا، وهي زميلة بارزة في معهد «أمريكان إنتربرايز»، وعضو سابق في لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ، ملاحظة السيد مكارثي بأنها بيان فارغ تمامًا ومخدر، وقالت إنها ليست قلقة بشأن التزام الحزب بالدفاع عن أوكرانيا.
وقالت السيدة دانييل: «أعتقد أنها مجرد محاولة لقياس رد الفعل إزاء هذا الانقسام المتزايد داخل الحزب الجمهوري بين الجناح التقليدي، والجناح الشعبوي للحزب»، في إشارة إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي أصبح بطلاً للعديد من المحافظين المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترامب.
بيد أن الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل من ولاية كنتاكي، وبَّخ مكارثي ضمنيًّا بقوله الشهر الماضي إن على الولايات المتحدة فعل المزيد لدعم كييف. لكن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين المتمسكين بدعم أوكرانيا سيتقاعدون في نهاية الدورة الحالية للكونجرس: مثل روب بورتمان من ولاية أوهايو، وريتشارد بور من ولاية نورث كارولينا، وبن ساسي من ولاية نبراسكا.
يرى كرولي أن أحد السيناريوهات المحتملة يتمثل في تركيز جمهوري جديد على الرقابة لضمان عدم تحول الأسلحة والمساعدات الأمريكية عن الاستخدام المقصود، في بلد له تاريخ من الفساد العميق. وأصدر هذه المذكرة في يونيو (حزيران) جمهوريان مرشحان ليصبحا رئيسين للجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية، ولجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية.
وكتب النائب الجمهوري مايك ماكول من ولاية تكساس، والسيناتور الجمهوري جيم ريش من ولاية إيداهو أن المساعدة الأمريكية لأوكرانيا «لن تكون فعالة ولا مستدامة سياسيًّا بدون آليات رقابة ومساءلة قوية». ولكن يؤكد الرجلان التزامهما بمساعدة أوكرانيا.
وكلاهما كانا قد انتقدا بشدة انسحاب إدارة بايدن من أفغانستان. ومن المحتمل أن يستدعي كلاهما مسؤولي بايدن، بمن فيهم وزير الخارجية أنطوني بلينكين، لحضور جلسات استماع عامة. كتب السيد ماكول إلى السيد بلينكين في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) يطلب من وزارة الخارجية الاحتفاظ بجميع الوثائق والمراسلات التي قد «تتعلق بتحقيق أو طلب أو استجواب أو أمر استدعاء في الكونجرس مستقبلًا».
وفي بيان صدر في أغسطس (آب) بمناسبة الذكرى السنوية لسقوط كابول، اشتكى السيد ريش من أنه «ما زلنا لا نملك إجابات كاملة حول الكيفية التي فشلت بها إدارة بايدن في توقع ما جرى ولم يكن لديها خطة فعالة مطبقة لإجلاء الأمريكيين والشركاء الأفغان». في حين قالت السيدة بليتكا: «سوف يوبخون إدارة بايدن بسبب ما حدث في أفغانستان».
دعا العديد من الجمهوريين إلى استقالة السيد بلينكن بعد إخلاء كابول، وقدم اثنان من الجمهوريين في مجلس النواب قرارًا يدعو إلى عزله. لكن الجمهوريين يقولون إنهم لا يتوقعون أن تكتسب مثل هذه الجهود زخمًا.
يولي السيد ماكول اهتمامًا خاصًّا بالصين وأعرب عن نفاد صبره من وتيرة تسليم الأسلحة الأمريكية التي اشترتها تايوان لدفاعها ضد الغزو الصيني المحتمل. وقال أيضًا إنه سيصر على زيادة تشديد ضوابط التصدير لحرمان الصين من التكنولوجيا الأمريكية المهمة التي قد تستخدمها لأغراض عسكرية.
وقد قاد النائب فريق عمل جمهوريًّا في مجلس النواب بشأن الصين أصدر تقريرًا في عام 2020 يدعو إلى اتخاذ إجراءات مثل زيادة الإنفاق العسكري، وفرض عقوبات جديدة لمعاقبة انتهاكات حقوق الإنسان الصينية، وإجراءات أكثر صرامة لمواجهة الدعاية الصينية.
التصعيد في مواجهة إيران
يرى كرولي أن الجمهوريين في كلا المجلسين حريصون على الضغط على إدارة بايدن بشأن سياستها تجاه إيران. فقد انتقد العديد منهم الرئيس بايدن لعدم بذل المزيد من الجهد لدعم المتظاهرين الذين يحتجون منذ أسابيع ضد نظام الملالي في البلاد.
قال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية متشددة تدعو إلى ممارسة ضغوط لا هوادة فيها على الحكومة الإيرانية: «سيعيد الجمهوريون إيران إلى الصدارة في واشنطن. وسوف يقدمون مشروع قانون تلو الآخر لفرض عقوبات على طهران».
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي
كما أن مكاسب الجمهوريين في الكونجرس ستزيد من تعقيد جهود بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد تعثرت المحادثات الدولية لاستعادة الاتفاق منذ أسابيع، وعبر مسؤولو بايدن عن شكوكهم في أن طهران مستعدة لتقليص برنامجها النووي مرة أخرى لتخفيف العقوبات.
لكن المكاسب الجمهورية الكبيرة في مجلس الشيوخ الأمريكي قد تجعل تحقيق اختراق مفاجئ أكثر صعوبة. فبموجب قانون أقره الكونجرس في عام 2015، يمكن لمجلس النواب ومجلس الشيوخ التصويت للتعبير عن رفض الاتفاق النووي مع طهران، ومنع قدرة الرئيس على رفع العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني التي فرضها الكونجرس في السابق.
وما يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لبايدن هي العودة المتوقعة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي كانت له علاقات وثيقة مع قادة الجمهوريين في الكونجرس. كان البيت الأبيض لأوباما غاضبًا في عام 2015 عندما قبل السيد نتنياهو دعوة لإلقاء كلمة أمام الكونجرس من رئيس الجمهوريين جون بوينر، وانتقد جهود السيد أوباما للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
مثل العديد من الجمهوريين في الكونجرس انتقد السيد نتنياهو بشدة جهود بايدن للتفاوض مع إيران وقد يتحالف معهم مجددًا.
كما يمكن لمجلس الشيوخ الجمهوري تبطيئ التصديق على مرشحي السيد بايدن في مناصب الأمن القومي في جميع أنحاء الحكومة. وعلى وجه الخصوص، لا تزال الإدارة تنتظر مجلس الشيوخ لتثبيت أكثر من 30 من المرشحين لمنصب السفراء، بالإضافة إلى اختيارات أخرى للمناصب المتوسطة والعليا في وزارة الخارجية. ومن بينهم سفراء لدى روسيا والسعودية والبرازيل والهند ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة.
ويختتم كرولي بأنَّ الديمقراطيين يأملون بتصديق مجلس الشيوخ على تعيين العديد منهم قبل نهاية العام. وإذا لم يتمكنوا من ذلك، ستنتهي صلاحية الترشيحات ويجب إعادة تسمية المرشحين مرة أخرى في بداية الدورة القادمة.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».